للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الأولى: من عقد يمينه على مباح، فهل الأولى أن يبرّ بيمينه، أو يحنث ويفعل المباح ويكفر؟

من المقرر أن من عقد يمينه على مباح لا يجب عليه الوفاء به (١).

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "وأما إذا حلف يمينًا مجردةً ليفعلنَّ كذا فهذا حضٌّ منه لنفسه، وحثٌّ على فعله باليمين، وليس إيجابًا عليها، فإن اليمين لا تُوجب شيئًا ولا تُحرمه، ولكن الحالف عَقدَ اليمين باللَّه ليفعلنَّه، فأباح اللَّه سبحانه له حَلَّ ما عقده بالكفارة، ولهذا سَمَّاها اللَّه تَحِلَّة؛ فإنها تَحلُّ عقد اليمين، وليست رافعة لإثم الحنث كما يتوهَمه بعضُ الفقهاء؛ فإنَّ الحنث قد يكون واجبًا، وقد يكون مستحبًا، فيؤمر به أمر إيجاب أو استحباب، وإن كان مباحًا، فالشارع لم يُبح سببَ الإثم، وإنما شرعها اللَّه حِلًّا لعقد اليمين، كما شرع اللَّه الاستثناءَ مانعًا من عقدها؛ فظهر الفرق بين ما التزمه للَّه وبين ما التزم باللَّه؛ فالأول ليس فيه إلا الوفاء، والثاني يُخَيرُ فيه بين الوفاء وبين الكفارة حيث يسوغ ذلك" (٢).

لكن هل الأولى أن يبرّ بيمينه، أو يحنث ويفعل المباح ويكفر؟

القول الأول: الأولى أن يبرّ بيمينه، وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ١٢٧)، البحر الرائق (٤/ ٣١٧)، عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة (٢/ ٣٤٧)، القوانين الفقهية (ص: ١١١)، منهاج الطالبين (ص: ٣٢٧)، أسنى المطالب (٤/ ٢٤٨)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٤٢)، كشاف القناع (٦/ ٢٣٠).
(٢) إعلام الموقعين (٣/ ٣٦١ - ٣٦٢).

<<  <   >  >>