للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الأولى: حكم خروج الشاعر إلى حد الكذب في وصفٍ، أو مدحٍ وإطراء (بدون أن يهجو، ولا يتعرض لعِرضٍ، ولا يشبب بامرأة (١) معيّنة).

أصل الشعر مباحٌ بلا خلاف (٢)، "والتحقيق الذي لا ينبغي العدول عنه أن الشعر كلامٌ، حسنه حسن، وقبيحه قبيح" (٣)، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشعر بمنزلة الكلام، حَسَنه كحُسنِ الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام" (٤).

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خيرٌ له من أن يمتلئ شعرًا» (٥).

"فالمراد به أن يكون الشعر غالبًا عليه مستوليًا عليه، بحيث يشغله عن القرآن وغيره من العلوم الشرعية وذكر الله تعالى، وهذا مذموم من أي شعر كان، فأما إذا كان القرآن والحديث وغيرهما من العلوم الشرعية هو الغالب عليه فلا يضرُّ حفظ اليسير من الشعر مع هذا؛ لأنّ جوفه ليس ممتلئًا شعرًا، والله أعلم" (٦)، "وقيل: المراد به ما كان


(١) شبب بالمرأة: أي قال فيها الغزل. لسان العرب (١/ ٤٨١).
(٢) انظر: المغني (١٠/ ١٥٨).
(٣) أضواء البيان (٦/ ١٠٥).
(٤) رواه البخاري في الأدب المفرد (ص: ٢٩٩)، والطبراني في المعجم الأوسط (٧/ ٣٥٠)، والدارقطني في سننه (٥/ ٢٧٥)، من حديث عبد الله بن عمرو، وحسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ١٢٢)، وله شاهد عن عائشة - رضي الله عنها - رواه البخاري في الأدب المفرد (ص: ٤٦٦)، وأبو يعلى في مسنده (٨/ ٢٠٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٤٠٥)، والدارقطني في سننه (٥/ ٢٧٤)، وقال البيهقي: مرسل، وحسنه ابن حجر في فتح الباري (١٠/ ٥٣٩)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ٨٠٨)، رقم (٤٤٧).
(٥) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر، حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن، رقم (٦١٥٤)، ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الشعر، رقم (٢٢٥٧).
(٦) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد ابن سلام (١/ ٣٦)، أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٤٧٠)، شرح النووي على مسلم (١٥/ ١٤).

<<  <   >  >>