للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: إن قصُر الزمان، ولم يمكن فيه الاندمال (١)، فقال الوارث: مات بسبب آخر، ولم يمت بالجرح، ولم يذكر سببًا مفصّلًا من سقطةٍ وغيرها، فهل يقبل قوله؟

المسألة الرابعة: إذا اختلف الجاني ومستحق الدم؛ فقال الجاني: مات بالسراية (٢)، أو قتلته أنا قبل الاندمال، وقال الولي: بل مات بسبب آخر، بأن قال: قتل نفسه، أو قتله آخر، أو شرب سمًا قاتلًا، فإذا قلنا: يصدق الولي، فهل يلتفت إلى قوله إن قصر الزمان ولم يمكن فيه الاندمال؟

الملاحظ أن المسألة الرابعة هي نفسها الثالثة، فحصل سهو وتكرار.

مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة وصاحبي أبي حنيفة إلى أن من له القصاص في الطرف، إذا استوفاه، ثم سرى إلى النفس ومات، لم يجب ضمان السراية، خلافًا لأبي حنيفة القائل بوجوب دية النفس في ذلك (٣).

وعلى قول الجمهور، إذا قطع يديه أو ورجليه مثلًا ومات، فقال الجاني: مات بالسراية، فعلي دية، وقال الولي: بل مات بعد الاندمال، فعليك ديتين، فإذا قلنا: القول قول الولي فإما أن يمكن الاندمال في تلك المدة، أو لا يمكن الاندمال في تلك المدة لقصرها كيوم ويومين، فإذا لم يمكن الاندمال في تلك المدة هل يلتفت إلى قول الولي؟

ذهب عامة الفقهاء إلى أنه لا يلتفت إلى قول الولي، والقول قول الجاني بغير يمين؛


(١) يقال: اندمل الجرح إِذا أَخذ فِي الْبُرْء وتماثل وقَارب الشفاء.
انظر: غريب الحديث للقاسم بن سلام (٤/ ١٨)، المطلع (ص: ٢١٩)، المعجم الوسيط (١/ ٢٩٧).
(٢) قول الفقهاء: سرى الجرح إلى النفس معناه: دام ألمه حتى حدث منه الموت. وقطع كفه فسرى إلى ساعده: أي تعدى أثر الجرح.
انظر: المصباح المنير (١/ ٢٧٥).
(٣) انظر: الهداية (٤/ ٤٥٦)، الإشراف (٢/ ٨١٩)، المهذب (٣/ ١٩٧)، الكافي في مذهب ابن حنبل (٣/ ٢٧٣).

<<  <   >  >>