للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثانية: حكم النكاح فيما إذا اعترف الزوج بعلمه بفسق شاهدي النكاح حالة العقد، وأنكرت المرأة.]

اتفق الفقهاء على قبول شهادة العدلين (١)، واختلفوا فيما إذا بان الشاهدان فاسقَين (٢)

حال العقد على قولين؛ فمذهب الجمهور أنه لا ينعقد النكاح


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٥/ ٣١)، الهداية (١/ ١٨٥)، مختصر خليل (ص: ٩٦)، الشرح الكبير للشيخ الدردير (٢/ ٢١٦)، منهاج الطالبين (ص: ٢٠٦)، تحفة المحتاج (٧/ ٢٢٨)، الإنصاف (٨/ ١٠٢)، كشاف القناع (٥/ ٦٥)، بداية المجتهد (٤/ ٢٤٥).
(٢) الفاسق: من فعل الكبيرة أو أصرّ على الصغيرة.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو عذاب، أو لعنة "رواه البيهقي في شعب الإيمان (١/ ٤٦٠). وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار" رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩٣٤)، وابن جرير الطبري في تفسيره (جامع البيان) (٨/ ٢٤٥).

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: "قال النووي: اختلفوا في ضبط الكبيرة اختلافا كثيرًا منتشرًا جدًا؛ فروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "الكبائر كل ذنب ختمه الله تعالى بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب"، ونحو هذا عن الحسن البصري وقال آخرون: هي ما أوعد الله عليه بنارٍ أوحدٍّ في الدنيا، وقال أبو حامد الغزالي في البسيط: "والضابط الشامل المعنوي في ضبط الكبيرة: أن كل معصية يقدم المرء عليها من غير استشعار خوف، وحذار ندم كالمتهاون بارتكابها، والمتجرئ عليه اعتيادًا فما أشعر بهذا الاستخفاف والتهاون فهو كبيرة، وما يحمل على فلتات النفس، أو اللسان، وفترة مراقبة التقوى، ولا ينفك عن تندم يمتزج به تنغيص التلذذ بالمعصية فهذا لا يمنع العدالة، وليس هو بكبيرة". وقال الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح - رحمه الله - في فتاويه: "الكبيرة كل ذنب كبر وعظم عِظَمًا يصح معه أن يطلق عليه اسم الكبيرة ووصف بكونه عظيمًا على الإطلاق". وقال الشيخ الإمام أبو محمد بن عبد السلام - رحمه الله - في كتابه القواعد: "لم أقف لأحد من العلماء على ضابط للكبيرة لا يسلم من الاعتراض، والأولى ضبطها بما يشعر بتهاون مرتكبها بدينه إشعارًا دون الكبائر المنصوص عليها"، قال الحافظ: "وهو ضابط جيد، وقال القرطبي في المفهم: الراجح أن كل ذنب نص على كبيرة أو عظمه أو توعد عليه بالعقاب أو علق عليه حد أو شدد النكير عليه فهو كبيرة" فتح الباري (١٠/ ٤١٠ - ٤١١).
وانظر: شرح النووي على مسلم (٢/ ٨٥)، روضة الطالبين (٧/ ٦٥)، مجموع فتاوى ابن تيمية (١١/ ٥٠)، الزواجر عن اقتراف الكبائر (١/ ١٣)، تحفة المحتاج (١٠/ ٢١٣)، نهاية المحتاج (٨/ ٢٩٤).

<<  <   >  >>