للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الرابعة: إذا حلف لا يأكل طعامًا اشتراه زيد، أو من طعام اشتراه زيد، ثم ملكه زيد بالصلح.

قبل الخوض في المسألة نتعرف على أقوال المذاهب في الأصل الذي يُرجَع إليه الحلف واليمين في البر والحنث، هل إلى النية، أو إلى العرف، أو إلى اللغة، أو إلى السبب؟

اختلف الفقهاء على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يرجع إلى العرف في الجملة، وهو قول الحنفية (١).

القول الثاني: لا تعتبر النية في اليمين ولا سببه؛ بل يعتبر ظاهر اللفظ، لكن قد يتطرّق التقييد أو التخصيص بنية تقترن أو اصطلاح خاص، والشافعية (٢).

القول الثالث: يرجع في الأيمان إلى نية الحالف إذا احتملها اللفظ، فإن عدمت النية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها، وهو قول المالكية والحنابلة (٣).

قال المالكية: فإن عدم السبب المثير لليمين أجرى اللفظ على ما يقتضيه إطلاقه في عرف اللغة، وعادة التخاطب دون عادة الفعل (٤).

وقال الحنابلة: فإن عدم رجع إلى التعيين، فإن عدم ذلك رجع إلى ما يتناوله الاسم


(١) وفي بعض الفروع يرجع إلى النية عندهم، انظر: فتح القدير (٥/ ٩٦)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٣/ ٧٤٣).
(٢) انظر: فتح القدير (٥/ ٩٦)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٣/ ٧٤٣)، روضة الطالبين (١١/ ٢٧، ٨١)، أسنى المطالب (٤/ ٢٥٠)
وقال النووي - رحمه الله -: "قال الشيخ أبو زيد - رحمه الله -: لا أدري على ماذا بنى الشافعي - رحمه الله - مسائل الأيمان، إن اتبع اللغة، فمن حلف لا يأكل الرؤوس ينبغي أن يحنث برؤوس الطير والسمك، وإن اتبع العرف، فأهل القرى لا يعدون الخيام بيوتًا. وقد قال الشافعي: لا فرق بين القروي والبدوي. واعلم أن الشافعي تتبع مقتضى اللغة تارة، وذلك عند ظهورها وشمولها، وهو الأصل، وتارة يتبع العرف إذا استمر واطرد" روضة الطالبين (١١/ ٨١).
(٣) انظر: شرح الزرقاني على مختصر خليل (٣/ ١١٤)، منح الجليل (٣/ ٤٣)، منتهى الإرادات (٥/ ٢٢٤)، كشاف القناع (٦/ ٢٤٦).
(٤) انظر: الشرح الكبير وحاشية الدسوقي (٢/ ١٣٩ - ١٤٠)، التلقين في الفقة المالكي (١/ ١٠٠).

<<  <   >  >>