(٢) انظر: بداية المبتدي (ص: ١٢٢)، الهداية (٢/ ٤٠٦)، كنز الدقائق (ص: ٣٨٧)، حاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٤/ ٢٣٤)، تنبيه الولاة والحكام لابن عابدين (٥٦ - ٥٧). وفي الخراج لأبي يوسف (ص: ١٩٩): "قال أبو يوسف: وأيما رجل مسلم سب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو كذبه، أو عابه، أو تنقصه، فقد كفر بالله وبانت منه زوجته، فإن تاب وإلا قتل، وكذلك المرأة، إلا أن أبا حنيفة قال: "لا تقتل المرأة وتجبر على الإسلام".
وقد أطنب إمام الحنفية في عصره، ومرجع متأخري الأحناف عند الاختلاف الإمام ابن عابدين - رحمه الله - في إثبات أن الحنفية لا يُعرف لهم قولٌ بعدم قبول توبة الساب، وقولهم هو قبول توبة الساب للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغير خلاف، وأن ما حكاه بعض فقهاء الأحناف بعدم قبول توبة الساب غلط ووهم، وقد تبعوا في ذلك البزازي - رحمه الله - الذي وهم في فهم كلام بعض الفقهاء؛ قال ابن عابدين: "فقد علم أن البزازي قد تساهل غاية التساهل في نقل هذه المسألة، وليته لم ينقلها عن أحد من أهل مذهبنا، بل استند إلى ما في الشفاء والصارم أمعن النظر في المراجعة، حتى يرى ما هو صريح في خلاف ما فهمه ممن نقل المسألة عنهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلقد صار هذا التساهل سببًا لوقوع عامة المتأخرين عنه في الخطأ؛ حيث اعتمدوا على نقله، وقلّدوه في ذلك، ولم ينقل أحد منهم المسألة عن كتاب من كتب الحنفية، بل المنقول قبل حدوث هذا القول من البزازي في كتبنا، وكتب غيرنا خلافه .... (ثم نقل كلام فقهاء الحنفية وقال): وسيذكر الشارح عن المحقق المفتي أبي السعود التصريح بأن مذهب الإمام الأعظم: أنه لا يقتل إذا تاب ويكتفى بتعزيره، فهذا صريح المنقول عمن تقدم على البزازي ومن تبعه، ولم يستند هو ولا من تبعه إلى كتاب من كتب الحنفية، وإنما استند إلى فهم أخطأ فيه حيث نقل عمن صرح، بخلاف ما فهمه كما قدمناه، وإن أردت زيادة البيان في المقام فارجع إلى كتابنا تنبيه الولاة والحكام". حاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٤/ ٢٣٤).