للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الرابعة: طُرق التحيُّز الجائزة في قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (١)

لا خلاف بين الفقهاء في أنه يجب الثبات في الجهاد، ويحرم الفرار منه لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} (٢)، وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٣).

والفرار كبيرة موبقة بظاهر القرآن وإجماع الأكثر من الأئمة (٤).

وقد عدّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفرار من الزحف من السبع الموبقات بقوله: «اجتنبوا السبع الموبقات -ثم ذكر منها-: التولي يوم الزحف» (٥).

وذهب الجمهور إلى أنه يحرم الفرار، ويجب الثبات بشرطين:

أحدهما: أن يكون الكفار لا يزيدون على ضعف المسلمين، فإن زادوا عليه جاز الفرار؛ لقوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ


(١) سورة الأنفال: ١٥.
(٢) سورة الأنفال: ١٥.
(٣) سورة الأنفال: ٤٥. انظر: انظر: الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١١٧)، القوانين الفقهية (ص: ٩٧)، روضة الطالبين (١٠/ ٢١٤)، كشاف القناع (٣/ ٣٧)، الموسوعة الفقهية الكويتية (١٦/ ١٥٧).
(٤) انظر: تفسير القرطبي (٧/ ٣٨٠)، الإنجاد في أبواب الجهاد للقرطبي (ص: ٢٠٧).
(٥) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: ١٠]، رقم (٢٧٦٦)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان: باب الكبائر وأكبرها، رقم (١٤٥).

<<  <   >  >>