للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (١).

وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه يحرم الفرار إن بلغ عدد الجيش اثني عشر ألفًا ولو كثر الكفار جدًا ما لم تختلف كلمتهم (٢)، لما روى ابن عباس - رضي الله عنهما -: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفًا مِنْ قِلَّةٍ» (٣).

قال ابن رشد: "وأما معرفة العدد الذين لا يجوز الفرار عنهم فهم الضِّعْف، وذلك مجمع عليه؛ لقوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (٤).

وذهب ابن الماجشون، ورواه عن مالك أن الضعف إنما يعتبر في القوة لا في العدد،


(١) سورة الأنفال: ٦٦.
(٢) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٤٠٠)، اللباب (٢/ ٧٦٢)، حاشية ابن عابدين (٤/ ١٣٠)، المقدمات الممهدات (١/ ٣٤٨)، منح الجليل (٣/ ١٥٢)، شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (٣/ ٢٠٣).
قال في مختصر خليل (ص: ٨٨): "وحَرُم فرارُ إن بلغ المسلمون النصف، ولم يبلغوا اثني عشر ألفًا إلا تحرفًا وتحيزًا إن خيف".
(٣) وتمام الحديث «خيرُ الصحابةِ: أربعةٌ وخيرُ السرايا: أربعُمائةٍ، وخيرُ الجيوشِ: أربعةُ آلافٍ، ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفًا مِنْ قِلَّةٍ» رواه الترمذي في السير، باب ما جاء في السرايا، رقم (١٥٥٥)، وأبو داود في الجهاد، باب ما يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا، رقم (٢٦١١)، وابن ماجه في سننه، كتاب الجهاد، باب في السرايا، رقم (٢٧٢٨)، والدارمي ٢/ ٢١٥، وقال: قال أبو داود: «والصحيح أنه مرسل» سنن أبي داود (٣/ ٣٦)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٩٨٦)، ثم تراجع وضعفه في ضعيف الترغيب والترهيب (١٨١٤) وقال عقب قول الترمذي "وجرير في حفظه شيء، وخالفه الليث بن سعد فأرسله" قال: "وهو الراجح كما حققته في الطبعة الجديدة للمجلد الثاني من "الصحيحة" (٩٨٦) ".
(٤) سورة الأنفال: ٦٦.

<<  <   >  >>