كتاب الاختيارات الفقهية لمحمد بن داود الصيدلاني

المسألة الثالثة: الحكم فيما لو زنى ذمي بمسلمة أو أصابها بنكاح، أو دل أهل الحرب على عورة للمسلمين، أو فتن مسلما عن دينه لم يجر شرط بانتقاض العهد بها. - المسألة الثانية: الحكم فيما لو دل الذمي أهل الحرب على عورة للمسلمين. - ص: 344

المسألة الثانية: الحكم فيما لو دل الذميُّ أهلَ الحرب على عورة للمسلمين (١).

القول الأول: لا ينتقض العهد بذلك، وهو مذهب الحنفية والأصح عند الشافعية، وإحدى الروايتين عن أحمد (٢)، واختيار الصيدلاني (٣).

القول الثاني: ينتقض عهده بذلك، وهو مذهب المالكية ووجه عند الشافعية والمعتمد عند الحنابلة (٤).

وذهب المالكية: إلى قتل العين والجاسوس مطلقًا، وقتل كل ذميٍّ كاتب أهل الشرك بعورات المسلمين (٥).

---

(١) والمراد بعورات المسلمين أن يطلع الحربيين على عورات المسلمين؛ بأن يكتب لهم كتابًا بذلك بأن الموضع الفلاني للمسلمين لا حارس له، ليأتوهم من قبله؛ إذ العورة لغة: الموضع المنكشف الذي لا حارس عليه وعورة العدو ما انكشف من حاله الذي يتوصل منه إليه ومنه قول الله تعالى: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} [الأحزاب: ١٣] وذلك مأخوذ من عورة الإنسان المنكشفة.
انظر: شرح مختصر خليل للخرشي (٣/ ١٤٩)، شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (٣/ ٢٦٠).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ٨٥)، شرح السير الكبير (ص: ٣٠٥)، (ص: ٢٠٤١)، حاشية ابن عابدين (٤/ ١٦٩)، منهاج الطالبين (ص: ٣١٤)، روضة الطالبين (١٠/ ٣٢٩)، الفروع (١٠/ ٣٥٣)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٨٤).
(٣) في نهاية المطلب (١٨/ ٣٩): "أن يزني الذمي بمسلمة، أو يصيبها باسم النكاح، أو يؤوي عينًا لأهل الحرب، أو يكتب إليهم بأسرار المسلمين، ويطلعَهم على عوراتهم، أو يفتنَ مسلمًا عن دينه، ... قال الصيدلاني، وغيره من محققي الأصحاب: إن لم يجر شرطٌ، لم ينتقض العهد بهذه الأشياء، وإن جرى شرطٌ، ففي انتقاض العهد وجهان"، وانظر: المطلب العالي- تحقيق محمد الوصابي (ص: ٤٠٨).
(٤) انظر: الشرح الكبير للشيخ الدردير (٢/ ٢٠٥)، التاج والإكليل (٤/ ٦٠٢)، روضة الطالبين (١٠/ ٣٢٩)، مغني المحتاج (٦/ ٨٤)، الإنصاف (٤/ ٢٥٣)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٦٧٠) كشاف القناع (٣/ ١٤٣).
(٥) انظر: النوادر والزيادات (٣/ ٣٥٢)، مختصر خليل (ص: ٨٩)، التاج والإكليل (٤/ ٦٠٢)، الشرح الكبير للدردير (٢/ ٢٠٥)، بلغة السالك لأقرب المسالك (٢/ ٣١٦).