للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الشرع ثم العرف ثم اللغة) (١).

وعند بحث ما نص عليه الفقهاء في المسألة، واجهتني إشكالات في اعتبار النية في المذهب الحنفي والشافعي، لأنهم أحيانًا ينصون على أن النية يُرجع إليها أولًا، وتارة لا يرجعون إليها في الحنث.

ففي فتح القدير للكمال ابن الهمام: "الأصل أن الأيمان مبنية على العرف عندنا لا على الحقيقة اللغوية كما نقل عن الشافعي - رحمه الله -، ولا على الاستعمال القرآني كما عن مالك - رحمه الله -، ولا على النية مطلقًا، كما عن أحمد - رحمه الله - " ... ثم قال: "وظهر أن مرادنا بانصراف الكلام إلى العرف أنه إذا لم يكن له نية كان موجب الكلام ما يكون معنى عرفيًا له، وإن كان له نية شيء واللفظ يحتمله انعقد اليمين باعتباره" (٢).

وقال الكاساني (٣): "وأما بيان أن اليمين بالله - عز وجل - على نية الحالف أو المستحلف فقد روي عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: اليمين على نية الحالف إذا كان مظلومًا، وإن كان ظالماً فعلى نية المستحلف وذكر الكرخي (٤) أن هذا قول أصحابنا جميعًا" (٥).

وقال الإمام الشافعي - رحمه الله - في فتوى حول موجب الحنث في أكثر من موطن:


(١) انظر: منتهى الإرادات (٥/ ٢٢٤)، كشاف القناع (٦/ ٢٤٦).
(٢) فتح القدير (٥/ ٩٦)، وانظر: البحر الرائق (٤/ ٣٢٣)، حاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٣/ ٧٤٣).
(٣) أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني، قيل عنه: ملك العلماء علاء الدين الحنفي مصنف البدائع الكتاب الجليل. أنشد من شعره فى منتصف شوال سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة
له (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، والسلطان المبين في أصول الدين. توفي في حلب ٥٨٧ هـ.
الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٢٤٤)، الأعلام للزركلي (٢/ ٧٠).
(٤) عبيد الله بن الحسين الكرخي، أبو الحسن: فقيه، انتهت إليه رياسة الحنفية بالعراق. مولده في الكرخ ووفاته ببغداد. له رسالة في الأصول التي عليها مدار فروع الحنفية، وشرح الجامع الصغير، وشرح الجامع الكبير.
انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٣٣٧)، الأعلام للزركلي (٤/ ١٩٣).
(٥) بدائع الصنائع (٣/ ٢٠).

<<  <   >  >>