للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضرَّات، أو تسقط حقها مطلقًا، أو تهبه لزوجها وهو يخصص ليلتها لمن شاء.

مسألتنا هي الأخيرة:

فيما إذا قالت الزوجة لزوجها: وهبت نوبتي منك، فضعها حيث تشاء، وخَصِّصْ بها من تشاء من زوجاتك الأخريات.

النَّوْبَة -بفتح النون وسكون الواو -: أي قسمها من مبيت الزوج (١).

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: إن وهبت قسمها للزوج فله جعلها لمن شاء؛ إن أراد جَعَله للجميع، وإن شاء خص بها واحدة منهن، وإن شاء جعل لبعضهن فيها أكثر من بعض، وهو قول بعض متأخري الحنفية وبعض المالكية وجمهور الشافعية وقول الحنابلة (٢).

القول الثاني: ليس للزوج أن يجعل الليلة الموهوبة له حيث شاء من بقية الزوجات، بل يسوي بينهن ولا يخصص، فتجعل الواهبة كالمعدومة، وهو قول بعض المالكية (٣)، ووجه


(١) انظر: منح الجليل (٣/ ٥٤٤)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٥٣).
(٢) انظر: فتح القدير (٣/ ٤٣٧)، البحر الرائق (٣/ ٢٣٦)، التبصرة للخمي (٥/ ٢٠٥٥)، تحرير الكلام في مسائل الإلتزام (ص: ٢٩٤ - ٢٩٦)، المهذب (٢/ ٤٨٦)، روضة الطالبين (٧/ ٣٥٩)، المغني (٧/ ٣١٢).

قلت: (متأخري الحنفية)، لأني لم أجد - حسب علمي- من نص على المسألة من متقدمي الحنفية، وربما أولُ من نص على المسألة من الحنفية ابن الهمام - رحمه الله - في فتح القدير نقلًا عن بعض الفقهاء، وقد صّرح بعده ابن نجيم - رحمه الله - في البحر الرائق بأنهم الشافعية، وقال: "قد فرع الشافعية هنا تفاريع لم أر أحدًا من مشايخنا ذكرها، منها أنها إذا وهبت حقها لمعينة ورضي بات عند الموهوب لها ليلتين ... ، وإن وهبته للجميع جعلها كالمعدومة، ولو وهبته له فخص به واحدة جاز كذا في الروض، ولعل مشايخنا إنما لم يعتبروا هذا التفصيل؛ لأن هذه الهبة إنما هي إسقاط عنه فكان الحق له، سواء وهبت له أو لصاحبتها فله أن يجعل حصة الواهبة لمن شاء"، وانظر: حاشية ابن عابدين (٣/ ٢٠٧).
(٣) واستظهره ابن عرفة ورجحه الحطاب المالكي وقال: "الراجح من المذهب أنها إذا وهبت يومها للزوج، أو أسقطت حقها تصير كالعدم، وليس للزوج أن يخص بيومها واحدة من البواقي والله تعالى أعلم". المختصر الفقهي لابن عرفة (٤/ ٧٥)، تحرير الكلام في مسائل الالتزام (ص: ٢٩٦).

<<  <   >  >>