للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القول الأول:

١. ما رواه أبي هريرة رضي الله عنه: «جاء ماعز الأسلمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه قد زنى، فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر، فقال: يا رسول الله، إنه قد زنى، فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر، فقال: يا رسول الله، إنه قد زنى، فأمر به في الرابعة، فأخرج إلى الحَرَّة فرجم بالحجارة، فلما وجد مس الحجارة فرَّ يشتد، حتى مرَّ برجل معه لحي جمل (١) فضربه به، وضربه الناس حتى مات، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه فرّ حين وجد مس الحجارة ومس الموت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هلا تركتموه». وفي رواية «لعلك قبلت أو غمزت»، «هلا تركتموه لعله أن يتوب، فيتوب الله عليه» (٢).

وجه الدلالة:

١. قوله له: "لعلك قبَّلت أو غمزت".

كان يلقنه ويعرض عليه بعد اعتراف قد سبق منه، فلو أنه قال: نعم قبلت أو غمزت لسقط عنه حد الرجم، وإلا لم يكن لتعريضه لذلك معنى، فعلم أنه إنما لقنه لفائدة وهي الرجوع (٣).

٢. قوله: (هلا تركتموه) استدل به على أنه يقبل من المقر الرجوع عن الإقرار ويسقط عنه الحد؛ إذ لا معنى لذلك إلا قبول رجوعه (٤).


(١) اللحي: هو العظم الذي فيه الأسنان. انظر: لسان العرب (١٥/ ٢٤٣).
(٢) رواه أحمد في المسند (٢٤/ ٣٢٢)، وأبو داود في سننه، كتاب الحدود، باب رجم ماعز بن مالك (٤٤١٩)، ورواه الترمذي في سننه، أبواب الحدود، باب ما جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع (١٤٢٨)، والنسائي في السنن الكبرى (٧١٦٧) وابن ماجه في سننه، كتاب الحدود، باب الرجم (٢٥٥٤)، وعبد الرزاق في المصنف (٧/ ٣٢٢)، وابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ٥٣٨)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٤٠٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٣٨٢)، وحسن إسناده الحافظ وصححه الألباني. انظر: التلخيص الحبير (٤/ ١٦٤) إرواء الغليل (٨/ ٢٨).
(٣) انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٣١/ ١٥٩).
(٤) انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٦/ ١٨٧)، الذخيرة للقرافي (١٢/ ٦١)، تبيين الحقائق (٣/ ١٦٧)، نيل الأوطار (٧/ ١٢٣).

<<  <   >  >>