للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢. قياس عدم سقوط القطع على عدم سقوط المال (١).

ونوقش:

بأن بينهما فرقًا:

أ-فإن حق الآدمي مبناه على الشح والضيق (٢).

ب- أن الرجوع عن الإقرار في حقوق الآدميين لم يصح لوجود خصم يصدقه في الإقرار ويكذبه في الرجوع، وذلك غير موجود فيما هو خالصُ حق الله تعالى، فيتعارض كلا من الإقرار والرجوع، وكل واحد منهما متمثل بين الصدق والكذب، والشبهة تثبت بالمعارضة (٣).

الترجيح:

الراجح - والله أعلم- القول الأول؛ لقوة أدلتهم وإمكان مناقشة أدلة القول الثاني. والخطأ في العفو خير من الخطأ في الظلم، وقد وردت آثار في تلقين الصحابة - رضي الله عنهم - لمن أقر بأمر يلزم به حد (٤).

وأما إلزام ابن حزم الجمهور بفروع لم يدرؤوا بها الحدود مع كون الشبهة فيها قائمة فهذا ليس على إطلاقه عندهم، فعلى سبيل المثال قد يقوم الدليل على إقامة الحد كالحَبل كونه علامة على الزنا ما لم تدع الإكراه وعُرف صدقها، وكالقذف بالتعريض ودليله: {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} (٥)، {وَبِكُفْرِهِمْ


(١) انظر: المغني لابن قدامة (٩/ ١٣٩).
(٢) نفس المرجع.
(٣) انظر: المبسوط (٩/ ٩٤).
(٤) فعن أبي الدرداء - رضي الله عنه -: "أنه أتى بجارية سرقت، فقال لها: "أسرقت"؟ قولي: لا، فقالت: لا، فخلى سبيلها" رواه البيهقي (٨/ ٢٧٦)، وعن ابن جريج قال: سمعت عطاء يقول: "كان من مضى يؤتى إليهم بالسارق، فيقول: أسرقت؟ قل: لا، وسمى أبا بكر وعمر" رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٠/ ٢٢٤)، وابن أبي شيبة (٥/ ٥٢٠)، وعن عكرمة بن خالد قال: "أُتى عمر بن الخطاب برجل؛ فسأله أسرقت؟ قل: لا، فقال: لا، فتركه" رواه عبد الرزاق (١٠/ ٢٢٤).
(٥) سورة مريم: ٢٨.

<<  <   >  >>