للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللجاعل أجره وأجر الغازي" (١).

وجه الدلالة:

أن الحديث دل على جواز الجعل (٢)

على الجهاد، فالإجارة كذلك (٣).

ونوقش هذا الاستدلال بـ:

أ- أنّ الحديث محمول على من جهز غازيًا تطوعًا لا استئجارًا (٤).

ب- أنّ قياس الإجارة على الجعل قياس مع الفارق:

أولًا: لأن الجعالة تعطى للمجاهد تبرعًا لا استئجارًا، وتطوعًا لا اشتراطًا، وإعانة له على القتال لطلب الأجر والثواب من الله - عز وجل -، فلا يلزم من جواز الجعالة جواز الإجارة (٥).

ثانيًا: إن باب الجعالة أوسع من باب الإجارة؛ فتصح الجعالة مع جهالة العمل، والمدة والعامل، بخلاف الإجارة.

قال الإمام الماوردي - رحمه الله -: "فأما جعالة السلطان إذا بذلها للغزاة، من بيت

المال


(١) رواه أحمد في مسنده (١١/ ١٩٧)، وأبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب الرخصة في أخذ الجعائل، رقم (٢٥٢٣)، والطبراني في المعجم الكبير (١٣/ ١٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٤٩)، وقال أحمد شاكر والألباني والارناؤوط: إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات. مسند أحمد ت شاكر (٦/ ١٨٧)، السلسلة الصحيحة (٥/ ١٨٦).
(٢) الجُعل والجَعالة والجِعالة: قال ابن رشد: "الجُعل هو: أن يجعل الرجل للرجل جعلًا على عمل يعمله له إن أكمل العمل، وإن لم يكمله لم يكن له شيء، وذهب عناؤه باطلاً" المقدمات الممهدات (٢/ ١٧٥).

وقال المرداوي: (قوله في المقنع: "والجعالة: هي أن يقول: من رد عبدي، أو لقطتي، أو بنى لي هذا الحائط. فله كذا". قال في الرعاية: وهي أن يجعل زيد شيئًا معلومًا لمن يعمل له عملًا معلومًا، أو مجهولًا مدة مجهولة. قال الحارثي: وهي في اصطلاح الفقهاء: جعل الشيء من المال لمن يفعل أمر كذا. قال: وهذا أعم مما قال المصنف). الإنصاف (٦/ ٣٨٩).
(٣) انظر: المغني (٩/ ٣٠٣).
(٤) انظر: عون المعبود (٧/ ١٤٤).
(٥) انظر: معرفة السنن والآثار (١٣/ ١٢٦)، عون المعبود (٧/ ١٤٤).

<<  <   >  >>