للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الحاوي الكبير: "وإن امتنع واحد منهم من بذلها نظر، فإن امتنع من التزامها كان نقضًا لعهده كالجماعة، وإن امتنع من أدائها مع بقائه على التزامها لم يكن نقضًا لعهده، وأخذت منه بخلاف الجماعة، لأن إجبار الجماعة عليها متعذر، وإجبار الواحد عليها ممكن" (١).

تعليلات القول الأول:

١. قالوا: لأن ما يدفع عنه قتالنا التزام الجزية وقبولها لا أداؤها والالتزام باقٍ، فلا ينقض، ويسقط القتال، ويأخذها الإمام منهم جبرًا (٢).

٢. ولأن الامتناع عن أداء الجزية يحتمل أن يكون لعذر عدم المال، فلا ينتقض العهد بالشك والاحتمال (٣).

أدلة القول الثاني:

١. قول الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (٤).

وجه الدلالة:

فلا يجوز الإمساك عن قتالهم إلا إذا كانوا صاغرين حال إعطاء الجزية.

والمراد بإعطاء الجزية من حين بذلها، أو التزامها إلى حين تسليمها وإقباضها، فإنهم إذا بذلوا الجزية شرعوا في الإعطاء، ووجب الكف عنهم إلى أن نقبضها منهم، فمتى لم يلتزموها، أو التزموها وامتنعوا من تسليمها لم يكونوا معطين لها، فليس المراد أن يكونوا صاغرين حال تناول الجزية منهم فقط، ويفارقهم الصغار فيما عدا هذا الوقت، هذا باطل


(١) (١٤/ ٣١٧)، وانظر: بحر المذهب (١٣/ ٣٦٥).
(٢) انظر: الهداية (٢/ ٤٠٥)، درر الحكام (١/ ٢٩٩) البحر الرائق (٥/ ١٢٤)، مجمع الأنهر (١/ ٦٧٦)، حاشية ابن عابدين (٤/ ٢١٣).
(٣) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١١٣).
(٤) سورة التوبة: ٢٩.

<<  <   >  >>