للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الكلام في حكم ذلك، نحن نفرض الكلام في أنواع السب مطلقًا من غير تعيين، والفقيه يأخذ حظه من ذلك فنقول: السب نوعان: دعاء وخبر،

أما الدعاء: فمثل أن يقول القائل لغيره: لعنه الله، أو قبحه الله، أو أخزاه الله، أو لا - رحمه الله -، أو لا - رضي الله عنه -، أو قطع الله دابره، فهذا وأمثاله سبٌّ للأنبياء ولغيرهم، وكذلك لو قال عن نبي: لا صلَّى الله عليه، أو لا سلم، أو لا رفع الله ذكره، أو محا الله اسمه، ونحو ذلك من الدعاء عليه بما فيه ضرر عليه في الدنيا أو في الدين أو في الآخرة ...

النوع الثاني: الخبر فكل ما عدَّه الناس شتمًا أو سبًا أو تنقصًا فإنه يجب به القتل، كالتسمية باسم الحمار، أو الكلب، أو وَصْفه بالمسكنة والخزي والمهانة، أو الإخبار بأنه في العذاب، وأن عليه آثام الخلائق، ونحو ذلك، وكذلك إظهار التكذيب على وجه الطعن في المكذَّب؛ مثل وصفه بأنه ساحر خادع محتال، وأنه يضر من اتبعه، وأن ما جاء به كله زور وباطل، ونحو ذلك. فإنْ نَظَم ذلك شعرًا كان أبلغ في الشتم؛ فإن الشعر يُحفظ ويُروى، وهو الهجاء، وربما يؤثر في نفوس كثيرة، مع العلم ببطلانه أكثر من تأثير البراهين، فإنْ غُنِّي به بين ملأ من الناس فهو الذي قد تفاقم أمره " (١).

حكم ساب الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

ساب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كافر مرتد ارتكب ناقضًا من نواقض الإيمان، سواء استحل ذلك أو لم يستحله.

قال الإمام الصيدلاني - رحمه الله -: "إذا سبّ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، استوجب القتل، والقتلُ للردّة لا للسبّ" (٢).

يقول الإمام ابن تيمية - رحمه الله - "إنْ سبَّ اللهَ أو سبَّ رسوله كَفَرَ ظاهرًا وباطنًا، وسواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلًا له، أو كان ذاهلًا عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل" (٣).


(١) الصارم المسلول (ص: ٥٣٨ - ٥٤١).
(٢) نهاية المطلب (١٨/ ٤٦).
(٣) الصارم المسلول (ص: ٥١٢).

<<  <   >  >>