للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣. لأن القلب لحمٌ في العرف (١).

ونوقشت هذه التعليلات:

بأن هذا التعليل بناء على عرف أهل الكوفة؛ فإن هذه الأشياء في عرفهم كانت تباع مع اللحم وتستعمل استعمال اللحم، فأما في عرفنا لا يحنث في يمينه، لأن هذه الأشياء لا تسمى لحمًا، ولا تباع مع اللحم، ولا تستعمل استعمال اللحم (٢).

تعليل القول الثاني:

١. لما خالف القلب اللحم في اسمه وجب أن يخالفه في حكمه، كالرئة والكرش، وبه يبطل ما احتجوا به (٣).

٢. قالوا: ولو أمر وكيله بشراء لحم، فاشترى القلب، لم يكن ممتثلًا لأمره، ولا ينفذ الشراء للموكل، فلم يحنث بأكله، كالبقل (٤).

الترجيح:

المتأمل لخلاف الفقهاء في الحكم يُدرك أنهم متفقون في مناط الحكم وعلته، ومختلفون في تحقيق المناط في اللحم، ومناط الحكم عند الجميع هو اللغة العرفية، فمن قال: يسمى القلب لحمًا في عرفه قال بالحنث، ومن قال: لا يسمى لحمًا في عُرْفه لم يحنث عنده.

فالراجح -والعلم عند الله- أنه يرجع الحكم إلى عرف كل بلد على حده؛ والدليل على الرجوع إلى العرف عند الإطلاق ما رواه ابن أبي شيبة أن رجلًا قد مات من بني رباح، وأوصى أن يُنحر عنه بدنة، فسئل ابن عباس - رضي الله عنهما -، عن البقرة، «هل تجزي؟ » قال: «من أي قوم أنت؟ » قال: قلت: من بني رباح قال: «وأنى لبني رباح البقر؟ إنما البقر


(١) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٢٠)، البحر الرائق (٤/ ٣٤٨)، رد المحتار (١٤/ ٢١٥)، حاشية ابن عابدين (٤/ ٧٩).
(٢) انظر: البحر الرائق (٤/ ٣٤٨)، حاشية ابن عابدين (٤/ ٧٩). المغني لابن قدامة (٩/ ٦٠٦).
(٣) انظر: الحاوي في فقه الشافعي (١٥/ ٤٢٦).
(٤) انظر: المغني لابن قدامة (٩/ ٦٠٦).

<<  <   >  >>