للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصيدلاني (١).

دليل القول الأول:

الشعر حكمه حكم الكلام، فالكذب فيه كسائر أنواع الكذب (٢).

تعليل القول الثاني:

لأن الكاذب يُري الكذبَ صدقًا، ويروجه، وليس غرض الشاعر أن يُصدَّق في شعره، وإنما هو صناعة (٣).

الترجيح:

الراجح - والله أعلم- القول بأنه كذب مذموم، لعموم نصوص النهي الكذب، ولقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الشعر بمنزلة الكلام، حسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام" (٤)، ولذا أحجم حسان بن ثابت - رضي الله عنه - عن الكذب في شعره بعد دخوله


(١) في نهاية المطلب (١٩/ ٢٥): "النظر في خروج الشاعر إلى حد الكذب في وصفٍ، أو مدح وإطراء، فالذي ذهب إليه معظم الأصحاب أن منشيء هذا الفن كاذب، فهو كما لو كان يكذب على ندور أو اعتياد، وقال الصيدلاني: هذا لا يلتحق بالكذب ... وما ذكرناه مشروط بألا يهجو، ولا يتعرض لعرضٍ، ولا يشبب بامرأة معيّنة". وفي العزيز شرح الوجيز (١٣/ ١٨)، وروضة الطالبين (١١/ ٢٢٩): (وإن كان الشاعر يمدح الناس ويطري، نُظر إن أمكن حمله على ضرب مبالغة جاز، وإن لم يمكن حمله على المبالغة وكان كذبًا محضًا، فالصحيح الذي عليه الجمهور وهو ظاهر نصه أنه كسائر أنواع الكذب، فترد شهادته إن كثر منه، وقال القفال، والصيدلاني: "لا يلحق بالكذب" ... فعلى هذا لا فرق بين قليله وكثيره، وهذا حسن بالغ).
(٢) انظر: مختصر المزني (ص: ٣١١)، العزيز شرح الوجيز (١٣/ ١٧)، روضة الطالبين (١١/ ٢٢٩)، أسنى المطالب (٤/ ٣٤٦).
(٣) انظر: نهاية المطلب (١٩/ ٢٥)، العزيز شرح الوجيز (١٣/ ١٨)، روضة الطالبين (١١/ ٢٢٩).
(٤) رواه البخاري في الأدب المفرد (ص: ٢٩٩)، والطبراني في المعجم الأوسط (٧/ ٣٥٠)، والدارقطني في سننه (٥/ ٢٧٥)، من حديث عبد الله بن عمرو، وحسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ١٢٢)، وله شاهد عن عائشة - رضي الله عنها - رواه البخاري في الأدب المفرد (ص: ٤٦٦)، وأبو يعلى في مسنده (٨/ ٢٠٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٤٠٥)، والدارقطني في سننه (٥/ ٢٧٤)، وقال البيهقي: مرسل، وحسنه ابن حجر في فتح الباري (١٠/ ٥٣٩)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ٨٠٨) رقم (٤٤٧).

<<  <   >  >>