شيئا من كلام الناس وعلومهم عرضه على القرآن؛ فإن شهد له بالتزكية = قبله، وإلا رده، وإن لم يشهد له بقبول ولا رد = وقفه، وهمته عاكفة على مراد ربه من كلامه.
ولا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن إما بالوسوسة في خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها وإمالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وغير ذلك = فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه.
وكذلك مراعاة النغم وتحسين الصوت.
وكذلك تتبع وجوه الإعراب واستخراج التأويلات المستكرهة التي هي بالألغاز والأحاجي أشبه منها بالبيان.
وكذلك صرف الذهن إلى حكاية أقوال الناس ونتائج أفكارهم.
كذلك تأويل القرآن على قول من قلد دينه أو مذهبه فهو يتعسف بكل طريق حتى يجعل القرآن تبعًا لمذهبه، وتقوية لقول إمامه.
وكلٌّ محجوبون بما لديهم عن فهم مراد الله من كلامه في كثير من ذلك أو أكثره.
وكذلك يظن من لم يقدر القرآن حق قدره أنه غير كاف في معرفة التوحيد والأسماء والصفات وما يجب لله وينزه عنه؛ بل الكافي في ذلك عقول الحيارى والمتهوكين الذين كل منهم قد خالف صريح القرآن مخالفة ظاهرة، وهؤلاء أغلظ الناس حجابا عن فهم كتاب الله تعالى والله ﷾ أعلم» (١)، وكلامهم في هذا يطول.
وكذلك، فإنَّ سائر الفرق الإسلامية على هذا الاعتقاد، لقد كان القرآن معظَّمًا كمرجعية عند عموم الطوائف المنتسبة للإسلام، فالقصاب (ت: ٣٦٠) - والذي ينتسب لاتجاه أهل الحديث - يذكر مقصد تأليفه كتابه «نكت القرآن»،