للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما وزّع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغنائم، قال له رجل يقال له: ذو الخويصرة: يا رسول الله اعدل - وفي رواية اتق الله -.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ويلك. ومن يعدل إن لم أعدل)) (١). ثم حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - منه ومن أصحابه ولم ينتقم منه، نعوذ بالله من النفاق.

وشد أعرابي جبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أثرت حاشيتها في عنقه، طالباً وفاء دينه، فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء)). (٢) نسأل الله حسن المعاملة.

وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذه التصرفات الخلقية العظيمة يعطي دروساً تربوية في الأخلاق لأصحابه.

لذلك يجب على الداعية أن يكون متنبهاً إلى هذا الأمر، منضبطاً في ألفاظه، متوازناً في تصرفاته، وأن يكون حذراً، من أن يتصرف تصرفاً يعيق دعوته، أو يتلفظ بألفاظ يستغلها المترصدون، ليجعلوا منها حديث المجالس، ووسيلة للتنفير من الداعية، وهم عن سبيل الله يصدون، وهم يشعرون أو لا يشعرون .. ولا شك أن هذا يؤثر على شخصية الداعية


(١) رواه البخاري (٣٣٤٤، ٤٣٥١، ٦١٦٣، ٦٩٣٣، ٧٤٣٢)، ومسلم (١٠٦٤). والظاهر أن معظم هؤلاء الذين أساؤوا الأدب مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المنافقين كما قال بعض العلماء (انظر الصارم المسلول لأبن تيمية (٢/ ٤٢٥))
(٢) رواه البخاري (٥٨٠٩)، ومسلم (١٠٥٧).
وهكذا يجب أن يكون الداعية حسن الجواب، حكيم التصرف، فلا يُجِبْ عن سؤال لا مصلحة في الإجابة عليه، ولا يُستدرج لموقف لا ينبغي أن يقِفَه، ولاينزلق في أسئلة الفتن، بل إن رأى مصلحة في الإجابة أجاب، وإلا صرف السائل بحكمة، وأشغله بما ينفعه عما لا ينفعه.

<<  <   >  >>