للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان قد كتب لهم ((أما بعد: فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد ... )). (١)

فانظر كيف خاطبهم بتوحيد الألوهية مباشرة، لأنهم مُقرّون بتوحيد الربوبية.

وكان يخاطب من عصى من أصحابه بالإيمان، وبالتذكير بمحبة الرحمن.

فعن عبد الله بن مغفل أن رجلاً لقي امرأة بغياً في الجاهلية، فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها، فقالت المرأة: مه، فإن الله عز وجل قد ذهب بالشرك، وقال عفان مرة: ذهب بالجاهلية، وجاءنا بالإسلام، فولى الرجل، فأصاب وجهه الحائط، فشجه، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: ((أنت عبد أراد الله بك خيراً، إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً عجل له عقوبة ذنبه، وإذا أراد بعبد شراً أمسك عليه بذنبه، حتى يوافى به يوم القيامة كأنه عَيْر)). (٢)

ولا أدَلَّ على ذلك من الرسائل التي كان يرسلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ملوك وسلاطين الشعوب، فقد كان يخاطبهم بالإيمان، وبدخول


(١) السيرة لابن هشام (٢/ ٢١٥ - ٢٢٥)، البدايةوالنهاية لابن كثير (٥/ ٥٢)، زاد المعاد لابن القيم (٣/ ٦٢٩)، الطبقات لابن سعد (١/ ٣٥٧).
(٢) رواه أحمد (٤/ ٨٧)، وابن حبان في صحيحه (٢٩١١)، والحاكم (١/ ٣٤٩ و ٤/ ٣٧٦ - ٣٧٧) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، ومعنى (عيْر): جبل بالمدينة، أي: كأنّ ذنوبه مثل عَير.

<<  <   >  >>