للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقصة نساء الأنصار حين نزول آية الحجاب مشهورة.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأُول لما أنزل الله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ} [النور: ٣١]، شققن مُرُوطَهُنَّ (١) فاختمرن بها)). (٢)

وكل هذه الاستجابات، كانت لسبق الإيمان الأحكام، ولو أنهم أمروا باجتناب المحرمات قبل الإيمان لما أطاعوا.

فقد قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها .. : إنما نزل أول مانزل منه (أي القرآن) سورة من الُمفصَّل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبداً، ولو نزل: لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبداً، لقد نزل بمكة على محمد - صلى الله عليه وسلم - وإني لجارية ألعب: ((بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر)).، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده .. (٣) قال: ((فأخرَجَتْ له المصحف فَأَمْلَتْ عليه آي السور)).

فانظر إلى هذا التأصيل لهذه القاعدة من عائشة رضي الله عنها ..

ولما رأى ابن عمر رضي الله عنه إعراض الناس عن الأحكام، وعدم العمل بالقرآن -رغم حفظهم له- علَّلَ ذلك بمخالفة مضمون هذه القاعدة، وأن الأحكام سبقت عند هؤلاء الإيمان، فلم يعملوا بالأحكام حق العمل، فقال رضي الله عنه: ((لقد عشنا بُرْهةً من دهرنا،


(١) * المرط: هو كساء (ثوب) للمرأة يصنع من صوف أو غيره، النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٣١٩).
(٢) رواه البخاري (٤٧٥٨، ٤٧٥٩)
(٣) رواه البخاري (٤٩٩٣).

<<  <   >  >>