فكلما كانت الدعوة قائمة بشروطها، فعّالة بأسلوبها المشروع، كان الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعدَ عن الفساد.
وكلما كانت الدعوة ضعيفة في أدائها، أو منحرفة في منهجها، كان الناسُ أقربَ إلى الشر والسوء، وأبعدَ عن الخير والاستقامة.
ولا أدل على ذلك من التفاوت في التدين بين الشعوب، فترى بعضها أحسنَ الناس عقيدة، وأفضلهم اتباعاً، وأقلهم فساداً وانحرافا، ذلك لما كان قائمًا بينهم من دعوة صحيحة، ذات جذور قوية.
وترى آخرين قد اختلت عقائدهم، وكثرت بدعهم، وظهر الفساد والانحراف في مجتمعهم .. وذلك للتقصير الدعوي فيهم.
وكل ما ظهر من الفساد العقائدي، والانحراف المنهجي، والسوء الخُلقي، والتطرف الفكري، ثم العملي الذي تفشى بين كثير من المسلمين، كان من التقصير في الدعوة إلى الله عز وجل، أو من الانحراف بها عن مقاصدها النبيلة التي رسمها لها الإسلام، أو لغياب منهجية الاعتدال فيها.
لذا بات من الضروري لهداية من ضل، ولإصلاح ما فسد، واستقامة ما انحرف، ولتقوية إيمان من ضعف، إحياء الدعوة إلى الله عز وجل على أسس سليمة، ومنهجية معتدلة، وأساليب متجددة مباحة، كي يعم الصلاح، وينقطع الفساد.
وهكذا كانت سنة الله تعالى في خلقه، كلما انحرف الناس، وانتشر الشر، أرسل الله فيهم رسولاً، أو بعث فيهم نبياً.