للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفضلُ العالم، وحسنُ قيادته، وتضحيتُه وتقواه وعلمُه شيء، وإيجاب اتّباعه، والتمحور حوله، وحول أتباعه، شيء آخر.

قال تعالى: {شَرَعَ لَكُم مّنَ الدّينِ مَا وَصّىَ بِهِ نُوحاً وَالّذِيَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىَ وَعِيسَىَ أَنْ أَقِيمُوا الدّينَ وَلا تَتَفَرّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِيَ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيَ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} [الشورى: ١٣]

ولذلك لم يأمر الله تعالى في كتابه، ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنته باتباع سنة رجل غير سنة الأنبياء، وفي مقدمتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ... } الآية [الأنعام: ٩٠]، وقال: {لّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ .. } الآية [الأحزاب: ٢١].

فإن كل إنسان غير رسول الله غير معصوم، وإن كل مخلوق غير رسول الله ليس بأسوة، بل إن رسول الله عتب على أبي بكر رضي الله عنه، عندما اختلف مع اليهودي، في أفضلية رسول الله على موسى عليهما الصلاة والسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تفضلوني على موسى) وفي رواية: ((لا تخيروني)) (١).

وسر هذه المعاتبة؛ أن لا يكون الخلاف بيننا وبين اليهود حول أفضلية الأعيان، أمحمد أفضل أم موسى عليهما الصلاة والسلام.

ومن جميل ما يحتج به في هذا المقام، ما حصل في غزوة أحد عندما وقف أبو سفيان فقال: ((أفي القوم محمد .. أفيكم أبو بكر .. أفيكم


(١) رواه البخاري (٢٤١١)، ومسلم (٢٣٧٣)، وأحمد (٢/ ٢٦٤)، وأبو داوود (٤٦٧١) وغيرهم.

<<  <   >  >>