للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمر .. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تجيبوه)) .. ثم قال أبو سفيان: ((أُعْلُ هُبل))، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا تجيبوه؟ ! ؟ )) (١).

فانظر؛ لما قال أبو سفيان: أفيكم محمد .. أفيكم أبو بكر .. أفيكم عمر .. نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إجابته، ولما قال: ((أُعْلُ هُبل))، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا تجيبوه))، والسر في ذلك؛ أن أبا سفيان لما تعرض للأشخاص أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدم إجابته، لأن بقاء الإسلام لا يتعلق ببقاء الأعيان، وأنه قائم سواء بقي هؤلاء الأعيان أحياء، أو ما توا.

ولما تعرض أبو سفيان رضي الله عنه للتوحيد .. إلى لب العقيدة: ((أُعْلُ هبل)) أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإجابته: ((الله أعلى وأجل)).

فَمَن الرجالُ بعد موسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم؟ ! ؟ .. حتى يُدعى إليهم .. ؟ ، ومن الرجال بعد أبي بكر وعمر، حتى يُنصَّبوا محاور للأمة .. ؟ ، قال شيخ الإسلام: ((وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها، غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي، غير كلام الله ورسوله، وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام، أو تلك النسبة ويعادون)) (٢).

وقد قال من قبله الأئمة الكرام مثل هذا؛ منهم: الإمام أبو حنيفة، فقد قال: ((لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه)). (٣)


(١) رواه البخاري (٣٠٣٩)
(٢) مجموع الفتاوى (٢٠/ ١٦٤).
(٣) ابن عبد البر في الانتقاء (ص ١٤٥)، وابن عابدين في حاشيته على البحر الرائق (٦/ ٢٩٣) وغيرهما.

<<  <   >  >>