للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثانية: عدم انسياق موسى وراء ما يثيره فرعون، مما ليس هو محل المحاروة.

فقد اعترض عليهما فرعون - بما لا يعترض به-بقوله: {قَالَ أَلَمْ نُرَبّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} [الشعراء: ١٨]. إشغالاً لهما عن نقطة البحث، وهي إثبات الربوبية لله.

ثم ذكّره بقتل الرجل: {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الّتِي فَعَلْتَ ... } [الشعراء: ١٩].

فتنبه موسى عليه السلام إلى المكر، وبادره بالاعتراف، حتى لا يضيع الوقت في ذلك، فالوقت ثمين، والموقف لا يسمح بضياع شيء منه، {قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَا مِنَ الضّالّينَ} [الشعراء: ٢٠].

فقطع موسى بذلك الطريق على فرعون، كي لا يخرج عن الموضوع، وحتى لا يحول المحاورة إلى قضايا شخصية.

ثم رد على شبهته في مسألة تربيته باختصار {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنّهَا عَلَيّ أَنْ عَبّدتّ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: ٢٢].

أي: هل تعادل نعمة تربيتك لي، بالإساءات والأذيات لبني إسرائيل، أوَ تريد أن تستر ظلمك، وتعبيدك بني إسرائيل، بتربيتك لي، وبعبارة أخرى: أتذكر وتمن علي بتربيتك لي، وتتناسى ظلمك واستعبادك لبني إسرائيل (١).

الثالثة: عدم انشغال موسى عن الدعوة إلى الله، بالدفاع عن نفسه.


(١) ماذكرته فحوى كلام المفسرين:
راجع تفسير ابن كثير (٣ - ٣٤٥)، وتفسير الشوكاني (٤/ ١٣٨)، وغيرهما، عند تفسير هذه الآية.

<<  <   >  >>