الثانية: أن لا يحمله الموقف على رد الحق، أو عدم التراجع عن الخطأ، أو الكذب، فإن التراجع عن الخطأ، وقول الحق، خير عند الله وعند الناس من التمادي في الباطل.
فإن كثيراً من الناس يظنون: أن التراجع عن الخطأ منقصةٌ لهم، ينزل به قدرهم، ويذهب من هيبتهم، ويفقدون ثقة الناس بهم، والعكس هو الصواب، فما تراجع امرؤ إلى الحق إلا رفعه الله، وأعلى قدره.
الثالثة: أن لا يكون همه مجرد الانتصار على شخصية الخصم، بل يكون همه السعي نحو هدايته، فإن لم يكن إلا كسره من أجل بيان باطله حتى لا يغتر به، فلا بأس - وقتئذ - بذلك.
الرابعة: الرفق والتلطف في الأسلوب، ولو كان في المناظرة، ولو كان مع أعدى الأعداء.
الخامسة: أن يكون المناظر عالماً بعامة، وبموضوع المناظرة بخاصة.
السادسة: أن تتوفر فيه موهبة المناظرة، وإدراك نفسية المناظر والمستمعين.
إن المناظرة فن من أعظم فنون الدعوة إلى الله، ولها خاصية فوق خاصية العلم، وليس كل عالم مناظراً، إذ لها طرق ومداخل واستدراج، وفيها مخارج وإحراج.
وهي أشبه بالمعركة، ففيها هجوم ومناورة والتفاف، ثم غلبة وانتصار، أو هزيمة واندحار.
السابعة: أن لا يغيب ذهنه عن المستمعين، فهم المقصود .. وليعلم أن كل كلمة، أو إشارة، أو حركة، محسوبة عليه.