(٢) رواه أحمد (٦٧٦٩)، وأبو داود (٢١٩٠)، والترمذي (١١٨١)، وابن ماجه (٢٠٤٧)، وابن الجارود (٧٤٣)، والحاكم (٢٨٢٠)، من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. قال الترمذي: (حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب)، وقال: (سألت محمداً - يعني: البخاري - عن هذا الحديث، فقلت: أي حديث في هذا الباب أصح في الطلاق قبل النكاح؟ فقال: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده)، وصحَّحه ابن الجارود، والحاكم، والذهبي، والألباني، وحسَّنه الخطابي، وعدَّه ابن عبد البر أحسن الأسانيد في هذا الباب.
وقال ابن عبد البر: (وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة إلا أنها عند أهل الحديث معلولة، ومنهم من يصحح بعضها، ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يخالفها)، وعلَّق ابن الملقن فقال: (قد عرفت صحة بعضها من كلام الترمذي والحاكم والبيهقي وغيرهم، ولا يقدح فيها بعض طرقها الضعيفة). وذكر ابن حجر له علة وأجاب عنها، فقال: (وقد اختلف فيه على عمرو بن شعيب، فرواه عامر الأحول، ومطر الوراق، وعبد الرحمن بن الحارث، وحسين المعلم، كلهم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والأربعة ثقات وأحاديثهم في السنن، ومن ثم صححه من يقوي حديث عمرو بن شعيب، وهو قوي، لكن فيه علة الاختلاف، وقد اختلف عليه فيه اختلافا آخر، فأخرج سعيد بن منصور من وجه آخر عن عمرو بن شعيب أنه سئل عن ذلك فقال: كان أبي عرض علي امرأة يزوجنيها فأبيت أن أتزوجها وقلت: هي طالق ألبتة يوم أتزوجها، ثم ندمت فقدمت المدينة، فسألت سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير فقالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا طلاق إلا بعد نكاح»، وهذا يشعر بأن من قال فيه: عن أبيه عن جده سلك الجادة، وإلا فلو كان عنده عن أبيه عن جده لما احتاج أن يرحل فيه إلى المدينة ويكتفي فيه بحديث مرسل، وقد تقدم أن الترمذي حكى عن البخاري أن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أصح شيء في الباب، وكذلك نقل مهنا عن الإمام أحمد، فالله أعلم)، والذي في سنن سعيد بن منصور (١٠٢١) رواه من طريق أبي علقمة الفروي، حدثني عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة به، وعبد الحكيم قال فيه الذهبي في الميزان: (صويلح)، فلا تُضعَّف رواية الثقات الأربعة مع تصحيح الأئمة برواية عبد الحكيم، وذكر الدارقطني الاختلاف على عمرو بن شعيب، ثم صوَّب ما رواه الأربعة عنه، عن أبيه، عن جده. ينظر: العلل الكبير ص ١٧٣، علل الدارقطني ٦/ ٦٥، الاستذكار ٦/ ١٨٨، معالم السنن ٣/ ٢٤١، ميزان الاعتدال ٢/ ٥٣٧، البدر المنير ٨/ ٩٥، فتح الباري ٩/ ٣٨٤، الإرواء ٦/ ١٧٣.