للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) في أحكامِ الاقتداءِ

(يَصِحُّ اقْتِدَاءُ المَأْمُومِ بِالإِمَامِ) إذا كانَا (فِي المَسْجِدِ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ وَلَا مَنْ وَرَاءَهُ إِذَا سَمِعَ التَّكْبِيرَ)؛ لأنَّهم في موضِعِ الجماعةِ، ويمكنُهُم الاقتداءُ به بسماعِ التكبيرِ، أشبه المشاهدةَ.

(وَكَذَا) يصحُّ الاقتداءُ إذا كان أحدُهما (خَارِجَهُ)، أي: خارجَ المسجدِ (إِنْ رَأَى) المأمومُ (الإِمَامَ، أَوْ) بعضَ (المَأْمُومِينَ) الذين وراءَ الإمامِ، ولو كانت الرؤيةُ في بعضِ الصَّلاةِ، أو مِن شُبَّاكٍ ونحوِه.

وإن كان بينَ الإمامِ والمأمومِ نهرٌ تَجري فيه السُّفنُ، أو طريقٌ ولم تَتصلْ فيه الصفوفُ حيثُ صحَّت فيه، أو كان المأمومُ بسفينةٍ وإمامُه في أخرى في غيرِ شدةِ خوفٍ؛ لم يصحَّ الاقتداءُ.

(وَتَصِحُّ) صلاةُ المأمومين (خَلْفَ إِمَامٍ عَالٍ عَنْهُمْ)؛ لفعلِ حذيفةَ وعمارٍ، رواه أبو داودَ (١).


(١) رواه أبو داود (٥٩٨)، من طريق أبي خالد عن عدي بن ثابت الأنصاري قال: حدثني رجل أنه كان مع عمار بن ياسر بالمدائن، فأقيمت الصلاة، فتقدم عمار وقام على دكان يصلي والناس أسفل منه، فتقدم حذيفة فأخذ على يديه فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة، فلما فرغ عمار من صلاته قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أمَّ الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم؟ » أو نحو ذلك، قال عمار: «لذلك اتبعتك حين أخذت على يدي»، قال الذهبي: (فيه مجهولان)، وبهذا أعلّه ابن عبد الهادي والألباني، وقال الحافظ: (وهو مرفوع لكن فيه مجهول، والأوَّل أقوى).
ويريد بالأوَّل، ما رواه أبو داود (٥٩٧)، وابن خزيمة (١٥٢٣)، وابن حبان (٢١٤٣)، والحاكم (٧٦٠)، عن همام: أن حذيفةَ أمَّ بالمدائن على دكان، فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته قال: «ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ » قال: «بلى، قد ذكرت حين مددتني»، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال الحاكم: (على شرط الشيخين)، ووافقه الذهبي والألباني، وصحح النووي إسناده. ينظر: خلاصة الأحكام ٢/ ٧٢٢، تنقيح التحقيق للذهبي ص ٢٦٢، تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي ٢/ ٤٩٦، التلخيص الحبير ٢/ ١١٠، الإرواء ٢/ ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>