للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهلِه، وكان ممَّن يَجهَلُ مِثلُه ذلك؛ (عُرِّفَ) حُكْمَ (ذلِكَ)؛ ليرجِعَ عنه، (وَإِنْ) أصرَّ أو (كَانَ مِثْلُهُ لَا يَجْهَلُهُ؛ كَفَرَ)؛ لمعانَدَتِه للإسلامِ، وامتناعِه مِن التزامِ أحكامِه، وعدمِ قبولِه لكتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِه وإجماعِ الأمةِ.

وكذا لو سَجَد لكوكَبٍ ونحوِه، أو أتَى بقولِ أو فِعلٍ صريحٍ في الاستهزاءِ بالدِّينِ، أو امتَهَنَ القرآنَ، أو أسقَطَ حُرمَتَه.

لا مَن حكَى كُفْراً سَمِعَه وهو لا يَعتقِدُهُ.

(فَصْلٌ)

(فَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الإِسْلَامِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ، رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ؛ دُعِيَ إِلَيْهِ)، أي: إلى الإسلامِ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وجوباً، (وَضُيِّقَ عَلَيْهِ)، وحُبِسَ؛ لقولِ عمرَ رَضِيَ الله عَنْهُ: «فَهَلَّا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثاً، فَأَطْعَمْتُمُوهُ (١) كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفاً وَأَسْقَيْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ أَوْ يُرَاجِعُ أَمْرَ اللهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي» رواه مالكٌ في الموطأ (٢)،

ولو لم تَجِبْ


(١) في (أ) و (ع): وأطعمتموه.
(٢) رواه مالك (٢٧٢٨)، ومن طريقه الشافعي (ص ٣٢١)، والبيهقي (١٦٨٨٧)، عن عبد الرحمن بن محمد بن عبدالله بن عبد القاري، عن أبيه، عن عمر به. قال الشافعي: (من لم يتأنى بالمرتد زعموا أن هذا الأثر ليس بمتصل)، قال الألباني: (وهو معلول بمحمد بن عبدالله, فإنه لم يوثقه غير ابن حبان, فهو في حكم مجهول الحال).
ورواه عبد الرزاق (١٨٦٩٥)، عن معمر، ورواه ابن أبي شيبة (٢٨٩٨٥) من طريق ابن عيينة، كلاهما عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد القاري، عن أبيه، عن عمر به. قال ابن التركماني: (هو متصل؛ لأن عبدالرحمن بن عبد القاري سمع عمر).
وقد استغرب الألباني من ابن التركماني ذلك، فقال: (هكذا وقع عنده (عبدالرحمن) في الموضعين، والصواب عبد الله) كما وقع في الموطأ وغيره)، والحق مع ابن التركماني، فإن رواية عبد الرزاق وابن أبي شيبة إنما هي عن محمد عن أبيه عبد الرحمن بن عبد القاري الذي كان عاملاً لعمر، فيكون الإسناد متصلاً. والله أعلم.
قال البيهقي: (قد روي في التأني به حديث آخر، عن عمر رضي الله عنه بإسناد متصل).

رواه عبدالرزاق (١٨٦٩٦)، وابن أبي شيبة (٣٢٧٣٧)، والبيهقي (١٦٨٨٨)، من طريق داود بن أبي هند, عن الشعبي, عن أنس رضي الله عنه قال: بعثني أبو موسى بفتح تستر إلى عمر رضي الله عنه, فسألني عمر - وكان ستة نفر من بني بكر بن وائل قد ارتدوا عن الإسلام , ولحقوا بالمشركين - , فقال: «ما فعل النفر من بكر بن وائل؟ » قال: فأخذت في حديث آخر لأشغله عنهم, فقال: «ما فعل النفر من بكر بن وائل؟ » قلت: يا أمير المؤمنين, قوم ارتدوا عن الإسلام, ولحقوا بالمشركين, ما سبيلهم إلا القتل, فقال عمر: «لأن أكون أخذتهم سلماً, أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس من صفراء أو بيضاء» , قال: قلت: يا أمير المؤمنين , وما كنت صانعاً بهم لو أخذتهم؟ قال: «كنت عارضاً عليهم الباب الذي خرجوا منه, أن يدخلوا فيه, فإن فعلوا ذلك، قبلت منهم, وإلا استودعتهم السجن». ينظر: الجوهر النقي ٨/ ٢٠٧، البدر المنير ٨/ ٥٧٥، التلخيص الحبير ٤/ ١٣٧، الإرواء ٨/ ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>