للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخرى؛ (يَعُودُ وُجُوباً فَيَأْتِي بِهِ)، أي: بالمتروكِ (وَبِمَا بَعْدَهُ)؛ لأنَّ الركنَ لا يَسقطُ بالسَّهوِ، وما بعدَه قد أتى به في غيرِ محلِّه، فإن لم يَعُدْ عمداً بطَلَت صلاتُه، وسهواً بطَلت الرَّكعةُ، والتي تليها عِوضُها.

(وَإِنْ عَلِمَ) المتروكَ (بَعْدَ السَّلَامِ؛ فَكَتَرْكِ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ)، فيأتي بركعةٍ ويَسجدُ للسَّهوِ ما لم يَطلْ الفصلُ، ما لم يَكُن (١) المتروكُ تَشهُّداً أخيراً أو سلاماً؛ فيأتي به ويَسجدُ ويسلِّمُ.

ومَن ذَكَر تَرْكَ ركنٍ وجَهِله أو محلَّه؛ عَمِل بالأحوطِ.

(وَإِنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ) وَحْدَه، أو مع الجلوسِ له (وَنَهَضَ) للقيامِ؛ (لَزِمَهُ الرُّجُوعُ) إليه (مَا لَمْ يَنْتَصِبْ قَائِماً، فَإِنْ اسْتَتَمَّ قَائِماً كُرِهَ رُجُوعُهُ)؛ لقولِه عليه السلامُ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِماً فَلْيَجْلِسْ، فَإِن اسْتَتَمَّ قَائِماً فَلَا يَجْلِسْ، وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْن»، رواه أبو داودَ، وابنُ ماجه مِن حديثِ المغيرةَ بنِ شعبةَ (٢).


(١) في (ب): أو يكن.
(٢) أخرجه أبو داود (١٠٣٦)، وابن ماجه (١٢٠٨)، وأخرجه أحمد أيضاً (١٨٢٢٢)، من طريق جابر الجعفي، حدثنا المغيرة بن شبيل الأحمسي، عن قيس بن أبي حازم، عن المغيرة بن شعبة به، قال ابن حجر: (ومداره على جابر الجعفي، وهو ضعيف جداً)، وضعف النووي الحديث بهذه العلة.

وصححه الألباني بمتابعة إبراهيم بن طهمان لجابر الجعفي، فليس مدار الحديث على جابر كما يقول ابن حجر، وقد روى هذه المتابعة الطحاوي في شرح معاني الآثار (٢٥٦٢)، وسندها صحيح. قال البيهقي: (وجابر هذا لا يحتج به، غير أنه يروى من وجهين آخرين، وحديثه أشهرهما بين الفقهاء).
وجاء عن المغيرة بنحوه عند أحمد (١٨١٦٣)، وأبي داود (١٠٣٧)، والترمذي (٣٦٥)، من طريق زياد بن علاقة، قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين، قلنا: سبحان الله، قال: سبحان الله ومضى، فلما أتم صلاته وسلم، سجد سجدتي السهو، فلما انصرف، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصنع كما صنعت»، وهو بمجموع طرقه وشواهده صحيح، وصححه الترمذي، والنووي، والألباني.
قال أبو داود: (وفعل سعد بن أبي وقاص مثل ما فعل المغيرة، وعمران بن حصين، والضحاك بن قيس، ومعاوية بن أبي سفيان، وابن عباس أفتى بذلك، وعمر بن عبد العزيز، وهذا فيمن قام من ثنتين، ثم سجدوا بعد ما سلموا). ينظر: معرفة السنن والآثار ٣/ ٢٨٦، خلاصة الأحكام ٢/ ٦٤٠، البدر المنير ٤/ ٢٢٢، التلخيص الحبير ٢/ ٨، إرواء الغليل ٢/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>