للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» متفقٌ عليه (١).

(وَ) يُسَنُّ (كَوْنُ المُشَاةِ أَمَامَهَا)؛ قال ابنُ المنذر: «ثَبَتَ أنَّ النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الجَنَازَةِ» (٢)،

(وَ) كونُ


(١) رواه البخاري (١٣١٥)، ومسلم (٩٤٤)، من حديث أبي هريرة.
(٢) رواه أحمد (٤٥٣٩)، وأبو داود (٣١٧٩)، والترمذي (١٠٠٧)، والنسائي (١٩٤٤)، وابن ماجه (١٤٨٢)، من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة»، وقد اختلف الحفاظ في وصله وإرساله، فرجّح الإرسال: ابن المبارك، وأحمد، والبخاري، والترمذي، والنسائي، والخطيب البغدادي، قال الترمذي: (وأهل الحديث كلهم يرون أن الحديث المرسل في ذلك أصح)، وذلك أن ابن عُيَيْنَة خالفه مالك ومعمر وغيرهما، فرووه مرسلاً، قال ابن المبارك: (الحفاظ عن ابن شهاب ثلاثة: مالك، ومعمر، وابن عيينة، فإذا اجتمع اثنان على قول أخذنا به وتركنا قول الآخر).
وبيَّن النسائي وجه الوهم في رواية ابن عيينة، فقال: (وإنما أتى هذا عندي - والله أعلم- لأن هذا الحديث رواه الزهري عن سالم عن أبيه أنه كان يمشي أمام الجنازة، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يمشون أمام الجنازة، وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من قول الزهري).
وصوَّب الوصل: ابن حبان، والبيهقي، وابن الجوزي، وابن القيم، والنووي، وابن دقيق العيد، وابن الملقن، والألباني، وحجتهم في ذلك من وجهين:

الأولى: جزم ابن عيينة به، فقد قال ابن المديني: (قلت لسفيان: يا أبا محمد، إن معمراً وابن جريج يخالفانك في هذا، فقال: أستيقن الزهري حدثنيه، سمعته من فيه يعيده ويبديه عن سالم، عن أبيه)، وأجاب عن ذلك ابن حجر، فقال: (لا ينفي عنه الوهم، فإنه ضابط؛ لأنه سمعه منه عن سالم عن أبيه، والأمر كذلك، إلا أن فيه إدراجاً، لعل الزهري أدمجه إذ حدث به ابن عيينة وفصله لغيره).
والثانية: أن جماعةً تابعوا ابن عيينة في وصله، منهم منصور بن المعتمر، وزياد بن سعد، وبكر بن وائل وغيرهم، مما يدل على عدم وهمه فيه. وأجيب عن ذلك: أن الحفاظ لم يعتبروا تلك المتابعات، ولذا قال النسائي بعد ذكر المتابعات: (وهذا أيضاً خطأ، والصواب مرسل). ينظر: السنن الكبرى للنسائي ٢/ ٤٣٠، العل الكبير للترمذي ١/ ١٤٤، صحيح ابن حبان ٧/ ٣١٩، السنن الكبرى للبيهقي ٤/ ٣٦، التحقيق لابن الجوزي ٢/ ١١، خلاصة الأحكام ٢/ ٩٩٩، تهذيب السنن ٢/ ٩٥، البدر المنير ٥/ ٢٢٥، التلخيص الحبير ٢/ ٢٦١، الإرواء ٣/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>