(٢) رواه أحمد (٤٥٣٩)، وأبو داود (٣١٧٩)، والترمذي (١٠٠٧)، والنسائي (١٩٤٤)، وابن ماجه (١٤٨٢)، من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة»، وقد اختلف الحفاظ في وصله وإرساله، فرجّح الإرسال: ابن المبارك، وأحمد، والبخاري، والترمذي، والنسائي، والخطيب البغدادي، قال الترمذي: (وأهل الحديث كلهم يرون أن الحديث المرسل في ذلك أصح)، وذلك أن ابن عُيَيْنَة خالفه مالك ومعمر وغيرهما، فرووه مرسلاً، قال ابن المبارك: (الحفاظ عن ابن شهاب ثلاثة: مالك، ومعمر، وابن عيينة، فإذا اجتمع اثنان على قول أخذنا به وتركنا قول الآخر). وبيَّن النسائي وجه الوهم في رواية ابن عيينة، فقال: (وإنما أتى هذا عندي - والله أعلم- لأن هذا الحديث رواه الزهري عن سالم عن أبيه أنه كان يمشي أمام الجنازة، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يمشون أمام الجنازة، وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من قول الزهري). وصوَّب الوصل: ابن حبان، والبيهقي، وابن الجوزي، وابن القيم، والنووي، وابن دقيق العيد، وابن الملقن، والألباني، وحجتهم في ذلك من وجهين:
الأولى: جزم ابن عيينة به، فقد قال ابن المديني: (قلت لسفيان: يا أبا محمد، إن معمراً وابن جريج يخالفانك في هذا، فقال: أستيقن الزهري حدثنيه، سمعته من فيه يعيده ويبديه عن سالم، عن أبيه)، وأجاب عن ذلك ابن حجر، فقال: (لا ينفي عنه الوهم، فإنه ضابط؛ لأنه سمعه منه عن سالم عن أبيه، والأمر كذلك، إلا أن فيه إدراجاً، لعل الزهري أدمجه إذ حدث به ابن عيينة وفصله لغيره). والثانية: أن جماعةً تابعوا ابن عيينة في وصله، منهم منصور بن المعتمر، وزياد بن سعد، وبكر بن وائل وغيرهم، مما يدل على عدم وهمه فيه. وأجيب عن ذلك: أن الحفاظ لم يعتبروا تلك المتابعات، ولذا قال النسائي بعد ذكر المتابعات: (وهذا أيضاً خطأ، والصواب مرسل). ينظر: السنن الكبرى للنسائي ٢/ ٤٣٠، العل الكبير للترمذي ١/ ١٤٤، صحيح ابن حبان ٧/ ٣١٩، السنن الكبرى للبيهقي ٤/ ٣٦، التحقيق لابن الجوزي ٢/ ١١، خلاصة الأحكام ٢/ ٩٩٩، تهذيب السنن ٢/ ٩٥، البدر المنير ٥/ ٢٢٥، التلخيص الحبير ٢/ ٢٦١، الإرواء ٣/ ١٨٦.