للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ فضل بعضُ صاعٍ أَخْرجه؛ لحديثِ: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (١).

(وَ) يُعتبرُ كونُ ذلك كلِّه بعد (حَوَائِجِهِ الأَصْلِيَّةِ) لنفسِه أو لمن تَلزمُه مُؤْنَتُه؛ مِن مسكنٍ، وعبدٍ، ودابةٍ، وثيابِ بذلةٍ، ونحوِ ذلك.

(ولَا يَمْنَعُهَا (٢) الدَّيْنُ)؛ لأنَّها ليست واجبةً في المالِ (إِلَّا بِطَلَبِهِ)، أي: طلبِ الدَّينِ فيقدِّمُه إذاً؛ لأنَّ الزكاةَ واجبةٌ مواساةً، وقضاءُ الدَّيْنِ أهمُّ.

(فَيُخْرِجُ) زكاةَ الفطرِ (عَنْ نَفْسِهِ)؛ لما تقدَّم (٣)، (وَ) عن (مُسْلِمٍ يَمُونُهُ) مِنَ الزوجاتِ، والأقاربِ، وخادمِ زوجةٍ (٤) إن لزمتْهُ مؤنتُه، وزوجةِ عبدِه، وقريبِه الذي يلزمُه إعفافُه؛ لعمومِ قولِه عليه السلام: «أَدُّوا الفِطْرَةَ عَمَّنْ تَمُونُونَ» (٥).


(١) رواه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧)، من حديث أبي هريرة.
(٢) زاد في (ب): أي الزكاة.
(٣) أي: ما رواه مسلم (٩٩٧)، من حديث جابر مرفوعاً: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها».
(٤) في (أ) و (ب) و (ع): زوجته.
(٥) رواه الدارقطني (٢٠٧٨)، والبيهقي (٧٦٨٥)، من حديث ابن عمر: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون». قال الدارقطني: (رفعه القاسم - وهو ابن عبد الله بن عامر بن زرارة - وليس بقوي، والصواب موقوف)، وضعف إسناده البيهقي، والذهبي.
والموقوف: رواه ابن أبي شيبة (١٠٣٥٤)، والدارقطني (٢٠٧٩)، والبيهقي (٧٦٨١)، عن نافع، عن ابن عمر: «أنه كان يعطي صدقة الفطر عن جميع أهله صغيرهم وكبيرهم عمن يعول وعن رقيقه، وعن رقيق نسائه». صحح إسناده الألباني، وبهذا يظهر أن المرفوع منكر، وهذا الموقوف يقوي القول بنكارة رواية الرفع.
وله شاهد من حديث علي: رواه البيهقي (٧٦٨٣)، من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل صغير أو كبير حر أو عبد ممن يمونون». قال البيهقي: (وهو مرسل)، أي: منقطع بين جعفر بن محمد وعلي.

وله شاهد آخر: عند الدارقطني (٢٠٧٧)، من طريق إسماعيل بن همام، حدثني علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جده، عن آبائه مرفوعاً، وهذا مرسل أيضاً، وإسماعيل شيعي، قال ابن حبان في ترجمة علي الرضا: (يجب أن يعتبر حديثه إذا روى عنه غير أولاده وشيعته)، وهذا من حديث شيعته.
وقد روي عن علي موقوفاً، رواه عبد الرزاق (٥٧٧٣) والبيهقي (٧٦٨٤)، قال علي: «من جرت عليه نفقتك فأطعم عنه نصف صاع من بر أو صاعاً من تمر»، قال البيهقي: (وعبد الأعلى غير قوي، إلا أنه إذا انضم إلى ما قبله - يعني: حديث علي بن موسى الرضا السالف - قويا فيما اجتمعا فيه)، ولأجل هذه الشواهد حسَّنه الألباني. ينظر: الثقات لابن حبان ٨/ ٤٥٦، تنقيح التحقيق للذهبي ص ٣٤٨، لسان الميزان ١/ ٤٤١، الإرواء ٣/ ٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>