للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالرُّشْدُ: الصَّلَاحُ فِي المَالِ)؛ لقولِ ابنِ عباسٍ في قوله تعالى: (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا) [النساء: ٦]، أي: صلاحاً في أموالهم (١)، فعلى هذا يُدفَعُ إليه مالُه، وإن كان مُفسداً لدِينِه.

ويُؤنَسُ رُشدُه (بِأَنْ يَتَصَرَّفَ مِرَاراً فَلَا يُغْبَنُ) غَبناً فاحِشاً (غَالِباً، وَلَا يَبْذُلُ مَالَهُ فِي حَرامٍ)؛ كخمرٍ وآلاتِ لهوٍ، (أَوْ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ)؛ كغناءٍ ونِفْطٍ (٢)؛ لأنَّ مَن صَرَف مالَه في ذلك عُدَّ سَفيهاً.

(وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ)، أي: إلى الصغيرِ (حَتَّى يُخْتَبَرَ)؛ ليُعلمَ رُشْدُه


(١) رواه الطبري في التفسير (٧/ ٥٧٦)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٤٨٠٢)، والبيهقي (١١٣٢٣)، من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس كما قال دحيم وأبو حاتم، ولكن قال ابن حجر: (إنما أخذ التفسير عن ثقات أصحابه، مجاهد وغيره، وقد اعتمده البخاري وأبو حاتم وغيرهما في التفسير)، وقال ابن تيمية عن تفسير علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس: (وهو معروف مشهور، ينقل منه عامة المفسرين الذين يسندون كابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وعثمان بن سعيد الدارمي، والبيهقي، والذين يذكرون الإسناد مجملاً، كالثعلبي، والبغوي، والذين لا يسندون كالماوردي، وابن الجوزي)، ولذا قال الإمام أحمد: (بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصداً ما كان كثيراً)، وذكر ابن حجر أن البخاري اعتمد عليها في صحيحه كثيراً، أي: في التعاليق. ينظر: المراسيل لابن أبي حاتم ص ١٤٠، الرد على من قال بفناء النار لابن تيمية ص ٥٧، التلخيص الحبير ٤/ ٢٩٢، فتح الباري ٨/ ٤٣٩.
(٢) قال في الصحاح (٣/ ١١٦٥): (النِفْط والنَفْط: دهنٌ، والكسر أفصح)، وقال في العين (٧/ ٤٣٧): (حلابة جبل في قعر بئر توقد به النار).
والمراد به: شراء نفط يحرقه للتفرج عليه. ينظر: شرح المنتهى ٣/ ٤٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>