للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويُعتبرُ في المناضلةِ تحديدُ مَدى رَميٍ (بِقَدْرٍ مُعْتَادٍ)، فلو جَعَلا مَسافةً بعيدةً تَتعذَّرُ الإصابةُ في مِثلِها غالِباً - وهو ما زاد على ثلاثمائةِ ذراعٍ -؛ لم تصحَّ؛ لأنَّ الغرضَ يَفوتُ بذلك، ذَكَره في الشَّرحِ وغيرِه (١).

(وَهِيَ)، أي: المسابقةُ (جُعَالَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنهما (فَسْخُهَا)؛ لأنَّها عَقْدٌ على ما لا تَتحقَّقُ القدرةُ على تَسليمِه، إلا أن يَظهَرَ الفضلُ لأحدِهِما، فله الفسخُ دونَ صاحبِهِ.

(وَتَصِحُّ المُنَاضَلَةُ)، أي: المسابقةُ بالرمي، مِن النَّضْلِ، وهو: السَّهمُ التَّامُّ، (عَلَى مُعَيَّنِينَ)، سواءٌ كانا اثنين أو جَماعتين؛ لأنَّ القصدَ معرفةُ الحِذقِ كما تقدَّم، (يُحْسِنُونَ الرَّمْيَ)؛ لأنَّ مَن لا يُحسِنُهُ وجودُهُ كعدمِهِ.

ويُشترَطُ لها أيضاً تَعيينُ عددِ الرَّميِ والإصابةِ، ومعرفةُ قَدْرِ الغرضِ: طولِه، وعرضِه، وسَمكِه، وارتفاعِه مِن الأرضِ.

والسنَّةُ أنْ يكونَ لهما غَرَضانِ، إذا بَدأ أحدُهُما بغرضٍ بَدأ الآخَرُ بالثاني؛ لفعلِ الصحابةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ (٢).


(١) الشرح الكبير (١١/ ١٣٣)، وينظر: المغني (٩/ ٤٧٥)، والمبدع (٤/ ٤٥٩).
(٢) من ذلك: ما رواه مسلم (١٩١٩) عن عبد الرحمن بن شماسة، أن فقيماً اللخمي، قال لعقبة بن عامر: تختلف بين هذين الغرضين وأنت كبير يشق عليك، قال عقبة: لولا كلام سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أعانيه، قال الحارث: فقلت لابن شماسة: وما ذاك؟ قال: إنه قال: «من علم الرمي، ثم تركه، فليس منا».
ومن ذلك: ما رواه ابن أبي شيبة (٢٦٣٢٦) من طريق الأوزاعي، عن بلال بن سعد، قال: «أدركتهم يشتدون بين الأغراض، ويضحك بعضهم إلى بعض، فإذا كان الليل كانوا رهباناً»، وإسناده صحيح، وبلال روى عن جماعة من الصحابة. ينظر: تهذيب التهذيب ١/ ٥٠٣.

وروى أيضاً (٢٦٣٢٧) من طريق الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال: «رأيت حذيفة يشد بين الهدفين»، ورجاله ثقات.
وروى أيضاً (٣٣٥٦٤) من طريق الأعمش، عن مجاهد قال: رأيت ابن عمر يشتد بين الهدفين في قميص ويقول: «أنا بها أنا بها»، يعني إذا أصاب، ثم يرجع متكئا قوسه حتى يمر في السوق. ورجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>