للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خالِكَ وبناتِ خالاتِكَ من آلِ زُهْرَةَ، فعدّد كلَّ امرأةٍ من قرابَتِهِ يجوزُ نكاحُها له، ثم قالَ: وأحللنا لك امرأةً مؤمنةً تَهَبُ نَفْسَها لك، فتَنْكِحُها بغَيرِ مَهْرٍ، ثم قال: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} يُريدُ فعلنا بك خاصةً دونَ المسلمينَ، لأنّه ليس لأحدٍ منهم أن ينكِحَ امرأةً بغيرِ مَهْرٍ، وإنْ وَهَبَتْ نَفْسَها له، وإنّما جاز أنْ يذكر في صدرِ الآيةِ أزواجُهُ اللاتي أعطاهُنّ المهورَ من أَجْلِ أَنّهُ أَحَلَّ له غَيرَهُنَّ بلا مَهْرٍ، فَعَدَّدَ نعمَهُ عليه، وتوسِعَتَهُ كأَنَّهُ قال: أَحْلَلْنا لك أزواجَك اللاتي آتَيتَ مُهورَهُنَّ، وأحْلَلْنَا لك أزواجًا لم تؤْتِ (١) مُهورَهُنَّ، فكان حُكْمُكَ في ذلك خلافَ حُكْمِ أُمَّتِكَ.

ثم قال: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ لِكَيلَا يَكُونَ عَلَيكَ حَرَجٌ} (٢) وفي هذا الكلامِ تَقْديمٌ، وتَأْخيرٌ كأنّه قال: أَحْلَلْنا لك هؤلاءِ النِّسَاءَ بمَهْرٍ، وغيرِ مَهْرٍ لئلا يكونَ عليك حَرَجٌ: أي ضِيقٌ. والحَرَجُ: أصلُهُ الضِّيقُ ومن هذا قولُهُ (٣): {وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٤) أي ضِيقٍ، وَ {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} (٥) ومنه قيل للشَّجَرِ المُلْتَفِّ حَرَجَةٌ (٦)، ثم قال: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ ... وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٧). يريد عَلِمْنا ما فَرَضْناهُ عليكَ، وعلى المؤمنينَ في الحرائِر، والمماليكِ من الصَّلاحِ لكم أي لِعِلْمِنا الصلاحَ لكمْ في ذلك فَعَلْناهُ،


(١) في الأصل: "تات".
(٢) سورة الأحزاب الآية ٥٠.
(٣) في الأصل: "قولهم"، وهو وهم.
(٤) سورة الحج الآية ٧٨.
(٥) سورة الأنعام الآية ١٢٥.
(٦) اللسان والتاج (حرج).
(٧) سورة الأحزاب الآية ٥٠.

<<  <   >  >>