للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَعْلَمَكَ أنّهُ صار إلى حالِ الأَمْن، والسَّعَة، والسُّرورِ بَعْدَ الحالِ الأُولى التي لا خَيرَ فيها، وكأنّ رجلًا أساءَ إليهِ أولًا، فانتقلَ عنه إلى آخَرَ أحسنَ إليه، ونحوُ ذلك قولُ أبي قَيسِ بنِ الأَسْلَتِ (١):

الحَزْمُ والقُوَّةُ خَيرٌ من الـ ... إشفاقِ والفَهَّةِ والهاعِ (٢)

• وأما قولُهُ: {آللَّهُ خَيرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} (٣) فإنّ المُشْركِينَ سَمَّوا ما أَشْرَكُوا آلهةً، فاتَّفَقَتِ الأَسْماءُ, فقالَ: آللهُ خيرٌ أم هذه التي تَدْعونَها آلهةً؟ وجاز لك لاتفاقِ الأسماء، ولو لم يُسَمُّوها آلهةً لم يَجُزْ أنْ يُقالَ: آللهُ خَيرٌ أم كذا؟ جلّ اللهُ وعزَّ.


(١) أبو قيس بن الأَسْلَت: هو صيفيّ بن عامر الأسلت الأوسي الأنصاري: شاعر جاهلي، من حكمائهم. كان رأس الأوس، وشاعرها وخطيبها، وقائدها في حروبها. وكان يكره الأوثان، ويبحث عن دين يطمئن إليه، فلقي علماء من اليهود ورهبانًا وأحبارًا، ووُصف له دين إبراهيم فقال: أنا على هذا. ولما ظهر الإِسلام. اجتمع برسول الله لآية ٥١. وتريث في قبول الدعوة، فمات بالمدينة، قبل أن يسلم وذلك في سنة ١ هـ. الأعلام ٣/ ٢١١.
(٢) البيت لأبي قيس بن الأسلت انظر ديوانه ٧٩ ويُروى: الإِدهان بدل الإِشفاق، والفكّة بدل الفهّة. والهاع: سوء الحرص مع الضعف.
(٣) سورة النمل الآية ٥٩، وانظر القرطبي ١٣/ ٢٢٠ - ٢٢١.

<<  <   >  >>