للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انْبَسَطَتِ الشَّمْسُ فإنْ شئتَ سَمَّيْتَ الغَداءَ ضُحَىً، تقول العرب: ضَحِّ إِبِلَكَ أي غَدِّها (١)، وسمي ضُحَىً؛ لأنهم يَضْحون للشمسِ (٢)، ومنه قولُ الله عزَّ وجلَّ: {لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} (٣) أي لا تعطشُ، وَلَا تصيبُكَ الشمسُ (٤). فإذا كان نصفُ النَّهار فالوقتُ الظهيرةُ (٥) تقول: أظهرنا كما تقول: أصبحنا، وأمسينا قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} (٦) والعرب تُسَمِّي الشَّرْبَةَ في نصفِ النَّهارِ القَيْلَ (٧). ولم يَبْلُغْني عنهم اسمٌ للطعامِ في هذا الوقتِ. وإذا زالت الشمسُ، فصارَ الظِّلُّ فَيْئًا، فهو الرَّواحُ (٨)، ولهذا قيل في يوم الجُمُعَة: راحوا إِلَى المسجد (٩). ويرى أهل النظر (١٠) أن الرواح مأخوذ من الرَّوْح (١١) لأنَّ الرِّياحَ تَهُبُّ مع زوالِ الشمس، قَالَ لَبيد (١٢) الشاعر (١٣):


(١) انظر اللسان والتاج (غدو).
(٢) اللسان والتاج (ضحا).
(٣) الآية ١١٩ من سورة طه.
(٤) انظر تفسير القرطبيّ ١١/ ٢٥٤.
(٥) اللسان والتاج (ظهر).
(٦) الآيتان ١٧ و ١٨ من سورة الروم.
(٧) أدب الكاتب ٩٥.
(٨) اللسان والتاج (روح).
(٩) اللسان والتاج (روح).
(١٠) هم الفلاسفة والمتكلّمون الذين يحكّمون العقل في النصِّ.
(١١) اللسان والتاج (روح).
(١٢) هو أَبُو عُقيل لَبيد بن ربيعَةَ بن مالك العامري: أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية. أدرك الإِسلام، ووفد على النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويعدُّ من الصحابة، ومن المؤلفة قلوبهم. سكن الكوفة، وعاش عمرًا طويلًا، وتوفي في سنة ٤١ هـ. الشعر والشعراء ١/ ٢٧٤ والأغاني ١٥/ ٢٩١ والأعلام ٥/ ٢٤٠.
(١٣) "الشاعر": ليست في ط.

<<  <   >  >>