للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَأْخُذْ بِه، ولو لم يَعْلَمْ أنَّ ذلك تَأْويلُهُ لم يُفْتِ بأنَّهُ لا وُضوءَ في مَسِّ الذَّكَر، ولا يجوزُ أَنْ يكونَ لم يَعْلَمْ بِحَديثِ بُسْرَةَ؛ لأنّ حديثَها لو لم يَكُنْ مُنْتَشِرًا مُسْتَفيضًا لم يَسْأَلْ أَكابِرُ أصْحاب رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن الوُضوءِ مِنْ مَسِّ الذكَر، بل لم يَكُنْ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سئل (١) عنه، فَيَقولُ: "إنما هو (٢) بَضْعَةٌ مِنْكَ"، ويقولُ: "حِذْيَةُ منك" (٣). ولكنَّهُ لمّا قالَ أولًا: "من مَسَّ ذَكَرَهُ فلْيَتَوَضَّأْ" (٤)، وَتَوَهَّمَهُ قَوْمٌ وَضَوءَ الصَّلاة، وعَرَفَ قَوْمٌ أَنَّهُ غَسْلٌ اليَد، واخْتَلَفُوا، سألُوا (٥).

وقد روي (٦) أيضًا حديث يشهد على تأويلنا، وإن كان في إسناده مقالٌ ذكرته ليعلم أني قد سُبقت إلى هذا التأويل: حدثني عبد الله بن أبي سعد أبو محمد (٧)، عن داود بن رُشَيْد (٨)، عن مُطَرِّف بن مازن (٩)، عن إسحاق بن


(١) في ط: "يسأل".
(٢) "إنّما هو": ليست في ط.
(٣) في اللسان (حذو): "الحِذْية من اللحم ما قطع طولًا، وقيل: هي القطعة الصيرة وفي حديث مسّ الذَّكَر: إنما هو حِذْية منك أي: قطعةٌ".
(٤) انظر ص ٩١ السابقة.
(٥) في ط: "سألوه".
(٦) من عند "وقد روي" إلى "وليس بواجب" ليس في ط.
(٧) هو أبو محمد، عبد الله بن أبي سعد عمرو بن عبد الرحمن بن بشر بن هلال الأنصاري الوراق، بلخي الأصل، سكن بغداد، كان ثقة صاحب أخبار وآداب وملح، توفي في واسط سنة ٢٧٤ هـ.
تاريخ بغداد ١٠/ ٢٥، والمنتظم ٥/ ٩٣.
(٨) هو أبو الفضل الخوارزمي ثم البغدادي مولى بني هاشم، داود بن رُشَيد: الإِمام الحافظ الثقة، من العلماء الرحّالين الجوّالين، ومن كبار علماء الحديث، حدّث عنه: مسلم، وأبو داود، وأبو يعلى الموصلي، وأبو قاسم البغوي، وعدد كثير. وثّقه يحيى بن معين، وغيره. وقال الدارقطني: ثقة نبيل. توفي سنة ٢٣٩ هـ. السير ٣٣/ ١١.
(٩) هو مطرف بن مازن الصنعاني. حدث عن معمر وابن جريج. وعنه الشافعي وداود بن رُشيد. كذبه يحيى بن معين وقال النسائي ليس بثقة توفي سنة ١٩١ هـ.
الضعفاء الكبير ٤/ ٢١٦، وميزان الاعتدال ٤/ ١٢٥، ولسان الميزان ٦/ ٤٧.

<<  <   >  >>