إبراهيم الطرابلسي وحفظه وغيره، كالألفية. وأدمن الاشتغال بالعلم وتجرع فاقةً وتقللا، واجتمع بالمشايخ وجدَّ في الاشتغال.
وتفقه على الشيخ تقي الدين بن قندس البعلي شيخ الحنابلة في وقته (المتوفى سنة ٨٦١ هـ)، ولازمه في الفقه وأصوله والعربية وغيرها، وكان مما قرأه عليه بحثًا وتحقيقًا "المقنع" في الفقه، و"مختصر الطوفي" في الأصول، و"ألفية ابن مالك". وكذا أخذ الفقه والنحو عن الزين عبد الرحمن أبي شَعَر (المتوفى سنة ٨٤٤ هـ)، بل سمع منه التفسير للبغوي مرارًا، وقرأ عليه سنة (٨٣٨ هـ) من شرح ألفية العراقي إلى الشاذ، وأخذ علوم الحديث أيضًا عن ابن ناصر الدين الدمشقي (المتوفى سنة ٨٤٢ هـ)، وسمع عليه منظومته وشرحها بقراءة شيخه التقي. وأخذ الأصول أيضًا عن أبي القاسم الفويري حين لقيه بمكة، فقرأ عليه قطعة من كتاب ابن مفلح فيه، بل وسمع في العضد عليه، والفرائض والحساب والوصايا عن الشمس محمد بن إبراهيم السيلي خازن الضيائية، وانتفع به في ذلك جدًّا، ولازمه في ذلك أكثر من عشر سنين، بل وقرأ عليه "المقنع" في الفقه بتمامه بحثًا، والعربية والصرف وغيرهما عن أبي الروح عيسى البغدادي الحنفي نزيل دمشق، والحسن بن إبراهيم الصفدي ثم الدمشقي الحنبلي الخياط (المتوفى سنة ٨٥٨ هـ) وغيرهما، وقرأ "البخاري" وغيره على أبي عبد اللَّه محمد بن أحمد الكركي الحنبلي، وسمع زين الدين بن الطحان (المتوفى سنة ٨٤٥ هـ)، وشهاب الدين بن عبد الهادي، وغيرهما.
وحج مرتين وجاور فيهما، وسمع هناك على أبي الفتح المراغي (المتوفى سنة ٨٥٩ هـ)، وحضر دروس برهان الدين بن مفلح (المتوفى سنة ٨٨٤ هـ) وناب عنه. وكذا قدم بأخرة القاهرة، وأذن له قاضيها عز الدين الكناني (المتوفى سنة ٨٧٦ هـ) في سماع الدعوى مدة إقامته بالقاهرة، وأكرمه وأخذ عنه فضلاء أصحابه بإشارته، بل وحضهم على تحصيل كتابه "الإنصاف" وغيره من تصانيفه، وأذن لمن شاء اللَّه منهم، واجتمع عليه الطلبة والفقهاء، وانتفعوا به.