للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تغتر بخطأ الخصم في مذهب؛ فإنه لا يدل على الخطأ في غيره، وإن صدَّ عن الجدل آفة، كتقبيحه، وعدم النفع والتقليد، والإلف والعادة، ومحبة الرئاسة، والميل إلى الدنيا، والمفاخرة أزالها (١).

ويجب لكل منهما الإجمالُ في خطابه، وإقباله عليه، وتأمله لما يأتي به، وترك قطع كلامه، والصياح في وجهه، والحدة والضجر عليه, والإخراج له عما عليه، والاستصغار له، وإذا نفرت النفوس عميت القلوب، وخمدت الخواطر، وانسدت أبواب الفوائد (٢).

ورياضة الأدون واجبة على العلماء، وتركه سدًى مضرة له؛ فإن عُوِّد لترك ما يستحقه الأعلى أخلد إلى خطئه، ولم يزعه عن الغلط وازع، ومقام التعلم والتأدب تارة بالعنف، وتارة باللطف؛ لئلا يفوت أحدهما (٣).

وانتقال السائل (٤) انقطاع عند الأكثر، وخالف الشيخ، والشاشي (٥)، وقال: لو


(١) انظر: المرجع السابق (٣/ ١٤٢٥).
(٢) انظر: أصول ابن مفلح (٣/ ١٤٢٥).
(٣) انظر: المرجع السابق.
(٤) في هامش الأصل: (قال ابن عقيل في الواضح: والانتقالات التي ينقطع بها أربعة: انتقال من مذهب إلى مذهب، ومن علة إلى علة، ومن إلزام إلى إلزام، ومن تسليم إلى ممانعة).
(٥) هو: أبو بكر، محمد بن علي بن إسماعيل، الشاشي، المعروف بالقفال الكبير -تفرقة بينه وبين القفال المروزي حيث يلقب بالقفال الصغير- من أكابر علماء عصره بالفقه والحديث واللغة والأدب. ولد في الشاش سنة (٢٩١ هـ)، وهو أول من صنف في الجدل الحسن من الفقهاء، وعنه انتشر مذهب الشافعي في بلاده. توفي سنة (٣٦٥ هـ)، وقيل: (٣٣٦ هـ). من مؤلفاته: "أصول الفقه"، و"محاسن الشريعة"، و"شرح رسالة الشافعي". راجع ترجمته في: طبقات الفقهاء ص (٢٠٩ - ٢١٠)، سير أعلام النبلاء (١٦/ ٢٨٣ - ٢٨٥).

<<  <   >  >>