كانت تدين لبُناتها وأعقابهم بالجِرَايات وأسباب الإمداد، ولم يكن يدرِّسُ بها إلا من أوتي بسطةً في العلم، ورضا من السلطان، وليست البسطةُ بِشَفيع ما لم يكاتِفْها رضا.
على أن البسيلي وإن لم يتولَّ مناصب رسمية -فيما نعلمه عنه-، ولم يفارق انقباضَه عن أولي الأمر، فإن ذلك لم يمنعْه من المساهمة العلمية حين يقتضي الأمر، فقد ذكر عن نفسِه -عَرَضا- أنه شارك في مقابلة كتُب خزانة أبي فارس بجامع الزيتونة، ولم يحُلْ بينه وبين حُسن الثناء على ملوك بني حفص، وإيلائهم من الاحترام والطاعة ما يجب لأمثالهم، فهو يقول في موضعٍ من تفسيره، إثْر كلام طويل:" ... قال كاتبه -عفا الله عنه-: وهذه سيرةُ مولانا السلطان صالح السلاطين ... أبي فارس عبد العزيز بن مولانا أمير المومنين أبي العباس أحمد، في أفعالِه كلِّها مسافرا أو حاضرا -يريد بروره وقصده للخير-؛ وقد ضمَّنْتُ هذا المعنى في قصيدةٍ نظمتُها له، قلتُ فيها:
وأفعالُه ينْوي بها البرَّ كلِّها ... فمنْ قصْده صار المباحُ تعبُّدا