تتلمذ البسيلي لجملة من الشيوخ، لهم يد طولى في العلوم الشرعية، وحظ وافر من الرسوخ، على ناصيتهم شيخ الإسلام بتونس الإمام ابن عرفة، الذي به تخرج وتفقه ولولاه ما عرف؛ فمنهم:
١ - أبو عبد الله محمد بن محمد بن مسافر العامري (بقيد الحياة سنة ٧٨٦ هـ):
شيخ مقرئ، جلس للإقراء بتونس بمسجده قريبا من القباقبيين؛ أقدّر أنه ثاني من أخذ عنه البسيلي بعد المكَتِّب، تلقى عنه التجويد؛ وحدّثنا عن بداية ذلك فقال:"ولما أردت تجويد القرآن العزيز -وأنا صغير- مضيتُ مع والدي إلى الشيخ المقرئ أبي عبد الله محمد بن محمد بن مسافر العامري، بمسجده الذي كان يقرئ به قريباً من القباقبيين، فوجدناه جالسا بإِثْر صلاة الظهر وحدَه ليس معه أحد، ولم يكن ذلك وقتَ جلوسه، فلما رآني قال: تكون فلانا؟ قلت: نعم -ولم يكن يعرفني قبل ذلك- فقال: إني البارحة رأيت وأنا نائم الشيخ أبا إسحق ... [يعني جد البسيلي لأبيه] في مسجد الحنابليين فقال لي: إن حفيدي يأتيك غدا ليجوِّد عليك القرآن فاحتفظ عليه".
وسيطولُ العمر بالشيخ -إن تمحَّض أنه هو- حتى يكاتِفَ تلميذَه يأخذان معاً عن ابن عرفة، فقد ذكر البسيلي عند الآية ٨٠ من سورة يوسف في "نكت وتنبيهات" الصغير: "هذا عشر يوم السَّبت، سابع شهر شعبان، منْ عام ستةٍ وثمانينَ وسبعِمِائةٍ؛ وابْتَدَأَ قراءَةَ العشرِ والحدِيثِ مِنْ هَذَا اليَوْم، الفقيهُ أبُو عبدِ اللَهِ بنُ مُسَافِرٍ، عِوَضاً عَنْ سَيِّدِي عِيسَى الغُبْرِيني".