القصة المعروفة. ولي إفتاء العسكر لأبي فارس، وخرج على ابن أخيه أبي عمرو عثمان إثر تولي هذا الأخير السلطنة، فلم يلبث إلا يسيرا حتى قبض عليه، وأودع السجن حتى توفي في ربيع الثاني سنة ٨٣٩ هـ.
وهو من الحفصيين الذين اندرجوا في سلك المؤلفين، بأجوبته عن مسائل الإمام أبي الحسن على بن محمد ابن سمعت الأندلسي الغرناطي المنوعة، حين وجهها إلى إفريقية، ذكرها القاضي الوزير أبو يحيى بن عاصم، ونقل عنه أبو القاسم ابن ناجي في "شرح المدونة"، ونقل عنه في "المعيار".
...
ب - هجرة العلماء الأندلسيين إلى الحاضرة التونسية:
لما ساءت الأحوال في الأندلس، بعد سقوط طليطلة، توجس العلماء خيفة من المقام بها، فأجابوا نداء شاعرهم:
يا أهلَ أَنْدَلُسٍ شُدُوا رِحَالَكُمُ ... فما المُقَامُ بها إلا من الغَلَطِ
مَنْ جَاوَرَ الشَّرَّ لا يأمَنْ بَوَائِقَهُ ... كيف الحياة مَعَ الحيَّاتِ في سَفَطِ؟!
فعملوا في الهجرة إلى ما جاورهم من بلدان، وكان مقصدهم من ذلك تلمسان والمغرب الأقصى ثم إلى تونس. وبدخول رحَّالَةِ الأندلس أصبحت هاته الأقاليم وارثةَ العلوم الأندلسية.
وقد لقي هؤلاء الواردون مناخا علميا طيبا، ولَقِحَتْ منهم ثقافة الأفارقة، وحظوا عند الملوك والأمراء، وتبوؤوا مقاما عليا، خاصة بتونس حيث سهل أبو زكرياء الحفصي هجرتهَم، وجَلَبَ العديد منهم صَنَائِعَ لغلبة الموحدين ومزاحمتهم؛