وهو موفق في استثماره لهذا العلم، في حل المشكلات الفقهية، ومحاذاة تفسير كلام الله، فعند قوله تعالى:(والشمس تجري لمستقر لها)، يورد ما يلي:"سئل الفقيه المفتي أبو عبد الله محمد السكوني: كيف يتقرر الصيام بالنسبة إلى أهل الجزر الخالدات، الذين ليلهم ستة أشهر، ونهارهم ستة أشهر، فقال: لعلهم لم تبلغهم الدعوة!. قال بعضهم: بل الصواب أن يقال: إن الشمس إذا لاقت جزءا من الفلك الذي هو ثلاثمائة وستون درجة، فإذا عادت إلى محاذاة ذلك الجزء، فهي الدورة، وبها يحسبون الليل والنهار، وكذا إذا كان زمنهم كله ليلا أو كله نهارا".
والجدير بالذكر أن البسيلي لا يتابع فيما ترى الفخر أو غيره، بل يعتمد مصادره الخاصة، والتي يعرب عنها أحيانا، فقد ذكر من مآخذه النادرة:"رصد الشيخ عبد الخالق"، و "رمح" الرقام.
وحاصله أنه يستفيد من العلوم الكونية في توجيه معاني الآيات، ولكنه لا يُطغي هذا الجانب إلى حد يخرجه عن التفسير كما لوحظ عند الفخر، بل يطرز به كتابه، ويدلل به على مدى الانفتاح العلمي الذي بلغه علماء إفريقية في القرن الثامن والتاسع.
[١٢ - عناية البسيلي بالنقل عن المفسرين ونقد التفاسير:]
لقد غلب على تفسير البسيلي التوسع في اللغة ومباحثها، ونقد المفسرين المشهورين بالاتجاه اللغوي والبياني، كلما عثر لهم على خطأ في الفهم والتأويل، وخاصة الزمخشري وابن عطية وأبا حيان الأندلسي.
وقد زخر الكتاب بنقول وافرة عن ابن عطية والفخر والزمخشري وأبي حيان وابن العربي، وهي تاتي مرة لتكون من مادة التفسير العاضد لرأي المؤلف، فتكون نقولا صرفة، وأحيانا يوردها البسيلي للانتقاد؛ وقد استقريت نقوله عن المفسرين المذكورين ومواطن تعقبه لهم، فجاءت على النحو التالى: