إشارة إلى شأن الحشر. واعلمْ أن منكريه منهم من لم ينكرْ بشبهة بل مجرد الاستبعاد، وادَّعى الضرورة وهم الأكثرون، قال تعالى حكايةً عنهم في كثير من الآيات (وَقَالُوا أَئذَا ضَلَلْنَا فِي الاَرْضِ ... )، (أَئذَا متْنَا وَكُنَّا تُرَاباً. .. )، (أئنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِين أَئذَا متْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ... ) وكذا هنا (مَنْ يُّحْيي الْعِظَامَ وَهِيَ رَميمٌ) على طريق الاستبعاد، فبدأ أولا بإبطال استبعادهم بقوله (وَنَسيَ خَلْقَهُ)، إذ خلق الناطق العاقل من نطفة قذرة لم تكن محل الحياة أصلا، فلا يستبعد إعادة النطق والعقل إلى محل كانا فيه؛ وأما استبعادهم من جهة تفرق الأجزاء فرده بكون المعيد قادرا عالما.
وقوله (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً) أي جعل قدرتنا كقدرتهم، ونسي خلْقَه العجيب، وبَدْأه الغريب؛ ومنهم من ذَكَرَ شبهة وإنْ كان آخرُها يعود إلى الاستبعاد، وهي على وجهين: