وقد يقال إن هذه السنة كانت سنة استقراره بتونس، لا سنةَ وروده عليها لأول مرة، إذْ كان أبوه كثير الإقامة بحاضرة تونس، مترددا على أهل العلم بها فلعله أخذ عن البسيلي صحبة ولده ولَمَّا يبارحْ تلمسانَ بالمرة، لكنَّ ما يشغب على افتراضِنا أنه أخَذَ عنه قبل هذا التاريخ، تعبيرُه عن اندهاشه الكبير لما رَأى في تونس، ولا ريب أن هذا العجبَ لا يكون من المتردد على المدينة، وهو أحْرى بزائرها لأول مرة، فهو يقول:"ثم لما كنت حدود إحدى وثلاثين، رحلت من بلد تلمسان إلى حضرة تونس المحروسة ... ثم دخلناها بالغدوة فرأينا بلدة عظيمة بها رجال كرام وشيوخ عظام، وبها قوة شهيرة، وحضارة كثيرة ... ". ثم إن هذا الفرض يتهافت إذا علمنا أن أخْذَ الرصاع قبل هذا التاريخ غيرُ مستقيم، لأنه يكونُ حينَها صغيرا جدا؛ فَمَا بين ٨٣١ سنةِ وُرُودِه و ٨٩٤ سنةِ وفاته، ثلاثٌ وستون سنة، وإذا قدرنا أن عمرَه الافتراضي كان ٧٥ سنة، فلن يكون عمرُه حين ورد على تونس غير ١٢ سنة وهي سنٌّ بالْكَاد تؤهّله لتحصيل فنِّ المنطق سيما وأنه معضل صعب، فكيف مع القول إنه تلَقَّاه قبل هذه السن؟.
وهناك احتمالُ أن يكون قولُ الرصاع إنه ورد على تونس في حدود إحدى وثلاثين، تاريخا تقريبيا لا غير، فيكون قد أخذ عنه قبيل وفاته سنة ٨٣٠ هـ. ولا مانع يمنع من هذا الفرض، لأن الرصاع لم يلازم البسيلي إلا شهورا في قراءة المنطق وغيره.
٢ - أبو العباس التجاني (٨٠٢ - ٨٩٥ هـ):
أحمد بن محمد بن عبد الله بن علي بن أبي الفتح محمد بن أبي البركات محمد بن علي ابن أبي القاسم بن حسن بن عبد القوي التِّجَّاني -بكسر الفوقية والجيم المشددة-، نسبة إلى قبيلة بالمغرب، يعرف بابن كَحِيل التونسي القاضي المالكي.