للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أن البسيلي لم يبرحْ تونس بعد وفاة ابن عرفة، حيث ألفته سنة ٨٠٦ هـ ثمة، مما مكَّنه من الشهادة على الإعصار الذي ضرب المدينة، ثم هو يذكر أنه قرأ "الشفا" على أبي الفضل بن القاسم بن أبي الحسن علي الأندلسي، بجامع الزيتونة، سنة ٨٠٨ هـ.

- أن مطالبة الأمير محمد بن أحمد الحفصي المعروف بالحسين -ابن السلطان أبي العباس التونسي، وأخ السلطان أبي فارس صاحب تونس- صاحبَنا بالتقييد الكبير، كانت بالبتِّ بعد سنة ٨٠٨ هـ وقبل سنة ٨٣٠ هـ، ولهذه المطالبة قصة سترِدُ بعد:

ب - قصة اختصار "التقييد الكبير":

ساق التنبكتي قصةً ذاتَ دلالة -تلقَّفَها عنه المؤرخون من بعدِه-، مفادها أن البسيلي لما أتم تأليف "التقييد الكبير"، سمع بذلك الأمير الفقيه الحسين، الآنفُ الذكر، فراسَلَه وطلبه منه، فامتنع البسيلي ومَاطَلَه أياما، ثم أرسل الأميرُ إليه وأمر رسلَه أن لا يفارقوه حتىِ يسلِّمَه لهم، فلما رأى الشيخ الجِدَّ في الأمر، أَخَذَ منه سورة الرّعد إلى الكهف، ودَفع لهم الباقي فمشوا به.

وتشي القصةُ بأن ما بين الأمير والبسيلي مِن وُدِّ الصحبة أيامَ الطلب قد انفرط عِقْدُه بعروج ذاك إلى مِرْقَاة الحكم -إذْ حاول تسَنُّمَ ذُرَاهُ بانقلاب فاشل أوْدى به-، وانزواءِ هذا في دارِه مقرئا بسقيفتها، أو لعله على الأقل قد وَهَى إلى قدْرٍ لم يَدَعْ دَالَّةً للأمير على صاحبه، ولا درأه إلى موافاته بطَلِبَتِه؛ ولسنا على ذُكْر من الداعي للبسيلي أن يمنع الأمير مُرَادَه، فلعله أن يكون قد فرغ من "التقييد الكبير" ولما يَرْتَضِ إبرازَه لِبَدَاءٍ أو تنقيح أو تلَبُّثٍ، وإخراجُه من يده قاطعٌ لأي تغيير واردٍ بعدُ.

ويبدو من إصرار الأمير على تحصيل الكتاب وإلحاحِه في ذلك، مبلغ ما يعرفه للكتاب من قدْر؛ وهو أهلٌ لأن يعرفه، فقد كان من جِلَّة فقهاء تونس وعلمائِها.

أمرٌ آخر تصرح به قصة "كفاية المحتاج"، وهو أن الداعي لاختصار التقييد الكبير، هو مطالبةُ الأمير؛ ولعل ذلك ما أَعْجَلَ صاحبَنا عن إتمام اختصاره، حين خلتْ يدُه من الأصل، فوقَفَ اختصارُه عند سورة الصف.

<<  <  ج: ص:  >  >>