على فهم معاني كتاب الله، باعتبارها وجوها دلالية أغنت المعنى، ويسرت القرآن للذكر. وأول ما يناسب ذكره هنا أنه يقدم القراءة المتواترة أبدا، دون أن يمنعه ذلك من إيراد الشاذ، ناصّا عليه، ذاكرا إياه بذَيْل الأول.
وغالبا ما يوردُ القراءة للاحتجاج بها على وجْهٍ نحوي، أو لتوجيهها؛ وهذه أمثلة من ذلك:
- المثال الأول: قوله: "إن العامل إذا أُضْمِر ضغف عملُه، وإذا تقدّم معمولُه عليه ضعف عملُه أيضا، تقول: "لزيد ضربت"، ولا يجوز: "ضربت لزيد" إلا في ضرورة، وتقول: "ضربت زيدا"، فإنْ قدمْتَ "زيدا" جاز رفعُه على الابتداء لضعف عاملِه بتأخيره عنه؛ ومنه:(وَكلٌّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى) على قراءة ابن عامر".
- المثال الثاني: قوله عند آية: (وَمَا ظَنُّ الذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ اِلْكَذِبَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ): "أبو حيان: العاملُ في "يَومَ" "ظنُّ" المصدرُ، على قراءةِ الجمهور بالرفع. وأَما على قراءةِ " ظنَّ": ماضيا هو بمعنى "يظن" لعملِه في المستقبل. ع: "وعلى القراءتين لا يصحُّ عملُه في "يوم"؛ لأن يوم القيامة لا ظنَّ فيه، إنما فيه اليقينُ، بل العامل محذوفٌ تقديرُه على قراءةِ الجمهور: ما حالُهم يوم القيامة؟، وعلى القراءة الشاذة: ما جزاؤُهم؟ ".
- المثال الثالث: قوله عند قوله تعالى: (مَا هَذَا بَشَرًا): "وقراءَ ةُ الجمهُورِ على لغةِ أهْلِ الحجازِ في عَمَلِ "مَا". وقراءةُ ابنِ مسْعودٍ برفْعِ (بشرًا) على لُغَةِ بني تميم".
وقد يؤيد وجها نحويا بقراءة؛ فمنه ترجيجه أن معنى "مثل" في قوله تعالى: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ)، أي "صفة" -وفاقا لأبي حيان-، لا "شبه"، كما قال الفارسي، محتجا لذلك بأن قراءة "أمثال" تؤيد أنه بمعنى صفة؛ لأن "شبه" مصدر، وهو لا يثنى ولا يجمع.