(أ) قال في "المدونة": "يُؤديها ولا ينتفع"، وذلك في الدَّين والطَّلاق". قلت: وفائدةُ أدائِها، احتمالُ حكم القاضي بها، ويدلُّ على أنَّ كل مجتهدٍ مصيب.
(ب) في "كتاب محمد": لا يؤديها.
(ج) قال مُطَرِّف وابن الماجِشُون والمغيرة: "يؤدِّيها وتنفع، إذا لم يشُك في كتابه؛ وبهذا العمل".
- المثال الثاني، قول البسيلي عند قوله تعالى:(ذَاتِ حَمْل): "قولُ ابنِ عطيةَ: "العَلَقَةُ هي الدَّمُ العَبيطُ"، يعنى الطريَّ، خلافُ قولِ الفقهاءِ؛ لأنَّهُم فرَّقوا بينَ العلقةِ والدَّم المجتمع. قال ابنُ القاسم في الأَمَةِ: إذا وضَعتْ مِنْ سيدِها دماً مجتمعاً كانتْ به أمَّ ولدَ.
وقال أشهبُ: لَا، حتى تضعَ علقةً. والعلقةُ هيَ القطعةُ الملْتحمةُ التي إذا جُعلتْ في ماءٍ سخن لمْ تنقطعْ، بخلافِ الدَّم المجتمع. وعَكَس عياض في "الإكمال"، نقلَ قولِ ابنِ القاسمِ وأشهب".
وهذان المثالان -ولهما نظائر كثيرة- دالة على علو نفس البسيلي في الفقه، وهو ما هيأه لاستنباط الفوائد الحكمية، وحزّ المفصل في تبيان مقاصد آيات الأحكام، مما يظهر بالتتبع لنكته وتنبيهاته.
(٣) غلبة مؤلفات المدرسة القيروانية والأندلسية على مصادره الفقهية:
فنقوله عن الأوليين، أكثر كما يظهر بالمقارنة؛ فقد نقل من كتب الأفارقة، عن رسالة ابن أبى زيد، ونظائر أبى عمران، وتهذيب البراذعي وأسولة المازري،